وادي المشاريع: الحي المنسي على أطراف دمشق يواجه نقصًا حادًا في الخدمات
يعاني سكان حي وادي المشاريع، الواقع على أطراف العاصمة السورية دمشق، من ظروف معيشية صعبة للغاية نتيجة الغياب شبه التام للخدمات الأساسية. هذا الحي، الذي استقبل أعدادًا كبيرة من النازحين خلال السنوات الماضية، يشهد الآن ضغطًا هائلاً على بنيته التحتية المتهالكة، مما يحوّل الحياة اليومية إلى كفاح مستمر.
تردي الخدمات يحاصر السكان
أجرى موقع الحل نت جولة في الحي تكشف حجم الأزمة:
شوارع محطمة: تنتشر الحفر في كل مكان والشوارع غير ممهدة، مما يصعب حركة المرور والمشاة على حد سواء.
صرف صحي سيئ: تتسرب مياه الصرف الصحي إلى الأزقة والشوارع، مما ينشر الروائح الكريهة ويهدد الصحة العامة.
انقطاع متكرر للكهرباء: يعاني السكان من انقطاعات كهربائية طويلة وغير منتظمة، حيث قد لا تتوفر الكهرباء سوى لساعتين أو أقل يوميًا، دون جدول زمني واضح للتقنين.
تراكم النفايات: تمتلئ حاويات القمامة وتفيض يوميًا، وتتأخر البلدية في جمعها، مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات، خاصة في فصل الصيف.
يصف أبو فراس، أحد سكان الحي منذ 15 عامًا، الوضع قائلاً: “الشوارع تحولت إلى مستنقعات شتاءً، وغبار لا يُحتمل صيفاً، المجاري مكشوفة، والقمامة مكدّسة بالأركان لأيام، لا أحد يهتم.” وأضاف عن الكهرباء: “الكهرباء ما إلها مواعيد، أحيانًا بتجي ساعتين باليوم وأحيانًا أقل، من دون أي التزام بتقنين واضح، الوضع صعب بكل معنى الكلمة.”
تأثير نفسي وتعليمي واقتصادي
تتجاوز الأزمة البنية التحتية لتؤثر بعمق على حياة السكان:
القلق على الأطفال: تعبر أم عادل، وهي أم لأربعة أطفال، عن قلقها الشديد على أبنائها، خاصة من الناحية النفسية والتعليمية. “ما عاد فيهم يدرسوا، ولا حتى يطلعوا يلعبوا بالحارة، الطرقات محفّرة، في مجاري مكشوفة، والزبالة قدام الباب يومين وثلاثة، نحن فعليًا محاصرين، وكل شي بدنا نعمله بدو تخطيط مسبق.”
صعوبات تعليمية: يواجه الطلاب، بمن فيهم طلبة الجامعات الذين يقصدون الحي بسبب انخفاض الإيجارات، صعوبات بالغة في التحصيل العلمي. تقول شهد الزين، طالبة جامعية مستأجرة: “أنا بدرس على ضو الشمعة أحيانًا، الكهرباء مقطوعة، الإنترنت ضعيف، وصوت المولدات مزعج، الجو العام ما بساعد لا على دراسة ولا راحة، بس مضطرة استأجر بالوادي لأن الإيجارات فيها أرخص من باقي المناطق.”
التكيف السلبي: اضطر سكان وادي المشاريع إلى “التكيف السلبي” مع الواقع، كما يوضح بسام الملا، صاحب بقالية في الحي. “تأقلمنا، غصباً عنا. صرنا نحسب حساب كل شي: مي، كهربا، زبالة، وحتى طلعة الولد عالشارع.”
حلول فردية وغياب الأفق
يدبر السكان أمورهم بوسائلهم الخاصة في ظل غياب الحلول الحكومية: البعض يجهز خزانات مياه احتياطية، وآخرون يشتركون في مولدات كهربائية مع جيرانهم في الأحياء المجاورة، بينما يتقاسم الجيران تكاليف تنظيف بعض الزوايا بأنفسهم.
تحولت الحياة في وادي المشاريع إلى سلسلة من الترتيبات اليومية لتجاوز الأزمة، وسط غياب أي أفق واضح لتحسن قريب. تبقى مسؤولية توفير الخدمات الأساسية وتخفيف الأعباء عن السكان على عاتق الحكومة السورية.
إقرأ أيضاً: الرقة: تلوث المياه يرفع معدلات الالتهابات المعوية ويسجل وفيات
إقرأ أيضاً: الليشمانيا تفتك بريف إدلب: تكدّس القمامة وغياب الخدمات أبرز أسباب التفشي