“إلغاء المسمى السياحي” عن المخابز.. هل تنتهي الفوضى بمجرد تغيير الاسم؟
في خطوة بدت تنظيمية على السطح لكنها أثارت نقاشًا واسعًا حول الواقع الخبزي في سوريا، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة تعميمًا يُلزم جميع المخابز غير المدعومة بإزالة مسمى “السياحية” من لوحاتها وعبواتها واستبداله بـ”تجارية”، وذلك خلال مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
خطوة رمزية أم تنظيم فعلي؟
يأتي هذا التوجيه، بموجب القرار رقم 222/11/ص الصادر في 10 تموز 2025، في إطار ما وصفته الوزارة بأنه تصحيح لغوي ومفاهيمي لتمييز المخابز المدعومة عن غيرها، لكن المتابعين يعتبرونه قرارًا تجميليًا يلامس ظاهر المشكلة لا جوهرها. فالخلل، بحسب مختصين، لا يكمن في الاسم بقدر ما يكمن في الفوضى العارمة التي تعصف بالقطاع: تفاوت الأسعار، غياب الرقابة، وتدني القدرة الشرائية للمستهلكين.
“مخابز تجارية” بلا زبائن
رئيس الجمعية الحرفية للمخابز في دمشق، ممدوح البقاعي، كشف في تصريحات علنية أن قطاع الخبز السياحي يعاني من “موت سريري”، ليس بسبب نقص المواد أو غلاء الطحين فحسب، بل لأن الزبائن اختفوا. فالخبز غير المدعوم بات يُصنّف ضمن الكماليات التي لا يقدر المواطن العادي على شرائها، في ظل أزمة دخل طاحنة.
التسعير المزاجي وغياب المعايير
البقاعي أوضح أن بعض المخابز لجأت إلى خفض عدد أرغفة ربطة الخبز من 14 إلى 7 أرغفة وبوزن أقل، بذريعة “مراعاة ظروف المواطن”. لكن هذا التعديل لا يستند إلى قرار رسمي، بل يُكرّس منطق “كل مخبز يحدد السعر والوزن على هواه”، ما يؤكد غياب أي رقابة حقيقية على الإنتاج أو الجودة.
وقدّر البقاعي أن 80% من سعر الربطة يخضع للسوق الحرة، وأن الأسعار تختلف حسب نوع الطحين وجودة الإنتاج، معترفًا بأن كثيرًا من المخابز تستخدم دقيقًا رديئًا أو تموينيًا مهربًا لخفض التكاليف، وهو ما يطرح شبهات صحية خطيرة.
ورغم أن قرار الوزارة يتضمن أيضًا وقف قبول طلبات ترخيص جديدة للمخابز التجارية – في محاولة للحد من التوسع العشوائي – فإن غياب خطة واضحة لتنظيم الأسعار وضمان التنافس العادل، يجعل هذا التجميد أقرب إلى كبح الاستثمار في قطاع متعثر، بدلًا من إنقاذه.
اقرأ أيضاً: دعم دولي لقطاع الخبز في ست محافظات سورية