داما بوست- متابعة: تتعرض الخطة الأمريكية لإيصال المساعدات إلى غزة إلى مخاطر عديدة وتعقيدات، وليس الأمر بالهين كما يعتقد كثيرون.
وستواجه أية خطة أمريكية لإيصال المساعدات إلى غزة، من مرفأ عائم في البحر، تحديات أمنية جمّة، على رأسها التعرّض لنيران مفترضة، فضلاً عن تجمهُر حشود من المدنيين اليائسين الجائعين على الساحل.
ومن المتوقع أن يشارك أكثر من ألف جندي أمريكي في هذه العملية، فيما لن يكون هناك “جنود على الأرض”، وفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
وللمساعدة في إنجاز هذه المهمة، دخلت الولايات المتحدة في شراكة مع شركة خاصة لا تحظى بشهرة واسعة تُدعى “فوغبو” ويديرها مسؤولون سابقون في الجيش والمخابرات الأمريكية.
وتستهدف هذه العملية في ظاهرها إيصال مليونَي وجبة غذائية يومياً إلى قطاع غزة، حيث تحذر الأمم المتحدة من مجاعة “شبه مؤكدة”، بينما يرى محللو ن أن الدوافع السياسية والعسكرية أكبر من الإنسانية وهدف واشنطن تهجير الفلسطينيين ومساعدة “إسرائيل”.
الخطة الأمريكية في غزة ظاهرها إنساني وباطنها لخدمة “إسرائيل”
وفقاً للبنتاغون، تشتمل الخطة الأمريكية على مكونين أساسيين يتعين تجميعهما معا: مَرسى ضخم عائم مصنوع من قِطع فولاذية وطريق ممهّد من حارتين بطول 548 مترا (1,800 قدماً) ورصيف.
وسيتكون الطريق الممهّد من قِطع فولاذية كلّ منها بطول 12 متراً (40 قدماً) متصلة معا لغاية الساحل.
وستصل سفن الشحن محمّلة بمواد المساعدات إلى المرسى، ثم يجري تفريغ الحمولات في مجموعة من المراكب والسفن الصغيرة –المعروفة باسم سفن الدعم اللوجستي- قبل أن تؤخذ هذه إلى رصيف الميناء على الساحل.
ومن على الرصيف، ستتولى الشاحنات مهمة نقل مواد المساعدات إلى اليابسة ومن ثم إلى داخل قطاع غزة.
وسيصل الطريق الممهّد بين المرسى الضخم العائم في البحر وبين الساحل، بحيث لا تضطر الولايات المتحدة إلى نشر قوات على الأرض في غزة، وتدعم الولايات المتحدة “إسرائيل” كحليفة لها، فيما تصنّف “حركة حماس” كمنظمة إرهابية.
ويُعرف هذا المشروع الإنشائي البرمائي رسميا باسم “اللوجستيات المشتركة على الساحل”، وسبق أن استخدم الجيش الأمريكي مشروعا شبيها له في كل من الكويت وهايتي وأمريكا الوسطى في مهام إغاثية.
وكانت نُسخ مبكرة شبيهة بهذا المشروع قد استُخدمت في الحرب العالمية الثانية بعد غزو نورماندي في يوم الإنزال (السادس من حزيران 1944).
وفي تموز من العام الماضي، استخدمت وزارة الدفاع الأمريكية نُسخة شبيهة من هذا المشروع خلال مناورات كبيرة في أستراليا.
وفي حديث لـ “بي بي سي”، قال الكولونيل المتقاعد من سلاح مشاة البحرية مارك كانسيان: “يفضّل الجيش، بالطبع، وجود مرفأ عامِل، فهذا يسهّل كل شيء”.
واستدرك كانسيان، الخبير في التخطيط للعمليات البرمائية، قائلاً: “لكن ذلك لا يكون دائماً متيسراً، إمّا لوجود صراع أو حتى في أوقات السلم في المهام الإنسانية، وهنا يأتي دور ‘اللوجستيات المشتركة على الساحل”.
ماذا نعرف عن شركة فوغبو، وما الدور الذي ستلعبه؟
شركة فوغبو يديرها كل من: اللفتنانت كولونيل السابق بسلاح مشاة البحرية سام ماندي، والذي سبق وقاد قوات في الشرق الأوسط؛ والضابط السابق بقوات المخابرات المركزية الأمريكية شبه العسكرية مايك مالروي، والذي يشغل حالياً منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط.
ولم تُنشر تفاصيل المهام التي ستقوم بها الشركة للعلن حتى الآن. لكن مصدراً على علم بالخطة قال لـ “بي بي سي” إن العملية فوغبو -المصطلح على تسميتها داخلياً باسم “بلو بيتش بلان”– تتلخص بشكل أساسي في تنظيم حركة المساعدات لدى وصولها إلى ساحل غزة.
وسيجري تفريغ الحاويات وسفن الشحن، وستُحمّل المساعدات على شاحنات تنقلها بدورها إلى نقاط توزيع في داخل غزة، وذلك في إطار خطة حظيت بموافقة حكومتَي الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وعلمت “بي بي سي” أن شركة فوغبو لا تزال تتطلع إلى تمويل، وأنها أطْلعت عدداً من الحكومات في أوروبا والشرق الأوسط على الخطط.
وعلى مدى أطول، تخطط فوغبو لإنشاء مؤسسة تديرها جهات مانحة من أجل إدخال المساعدات إلى غزة، لكن يبدو أن وراء الأكمة ما ورائها، ولن يخفى على أحد النوايا الأمريكية الخبيثة من وراء الميناء المؤقت في غزة وإرسال المساعدات.