في زُقاق الحب.. “عمري لك هديّة”

داما بوست – كلير عكاوي

لم تنتظر صديقها المقرّب هذه المرّة على كرسي خشبي في الجامعة، بل جلست على درج العشاق في سفل التلّة – باب توما، تنطق كلمات الحب وتهديه “الباقي من عمرها”، مثلما تحنو الفنانة ماجدة الرومي بقولها: “عمري لحظة بتناديك.. امبارح.. وباقي لليوم.. ولآخر يوم.. حبيبي”.

وتحوّلت علاقة “دانا” (20عاماً) والشاب أمير (21 عاماً) إلى حب، بعدما اعترفا لبعضهما عن زخم المشاعر التي أغرقتهما بطريق لم يكن بالحسبان، بعد صداقة مقرّبة دامت بينهما 6 سنوات.

وعبّرت الفتاة “الولهانة” لـ “داما بوست” عن سعادتها بوجود فتى أحلامها، متسائلة: “من قال إنّ الصداقة لا تتحوّل إلى حب.. كنّا صديقان حميمان نتبادل الأفكار ونتشابه في الكثير منها، إلى أن دقّت قلوبنا”.

وتخوّف “أمير” قبل الاعتراف لها، لعلّها تكون خطوة خاسرة لهذه الإنسانة الصدوقة، الذي يقضي معها أغلب وقته، إلا أنه نجح في امتلاك قلبها، قائلاً: “الصداقة القوية بيننا مهّدت كل شيء وجعلتنا الآن في علاقة حب سنكللها بالزواج”.

وتساءل الحبيبان: “لماذا لا يؤمنون بالحب بعد الصداقة؟ فهو على عكس التوقعات جذوره قوية ومتينة ومبنيّة على التفاهم والانسجام”.

بدوره، الدكتور في علم النفس والاخصائي في التحليل النفسي علي عمار، أوضح لـ “داما بوست” أن “لكل قاعدة استثناء، ولكن عموماً حالات الصداقة التي تتحوّل إلى حب تنتهي، بالقول: “مو هاد اللي كنت بحلم فيه”.

وأكمل “عمار”: “نحن نحب الأشخاص الذين يقدّمون لنا ما ينقصنا، ونتوهّم أنه الحب الحقيقي الذي نحلم به، خاصة أن الصداقة التي تتحول إلى حب كما يسمونها، تبدأ بضخ وزخم في المشاعر القويّة، ثم تفتر وتتلاشى مع مرور الوقت، وقلّة التي تنجح في الاستمرار”.

“وبالرغم من أن هناك أشكال من الصداقة تتحوّل إلى غرام، إلا أنها ليست بمعناه الحقيقي، إنما هي بمثابة إشباع للحاجات النفسيّة الناقصة منذ الطفولة لدى الطرفين”، بحسب الاخصائي في علم النفس.

في الصداقة.. مشاعر مكبوتة!

تسبّبت مشاعر لؤي (35 عاماً) بانتهاء صداقته مع ميرنا (30 عاماً)، بعد أن اعترف لها بحبّه أثناء تحضير المشروع الخاص بهما في العمل.

وقال لؤي لـ “داما بوست”: “لم تعد ميرنا صديقتي المقرّبة منذ أن بحت لها عن مشاعري الحقيقية.. اشتاق إلى حديثنا البريء الصدوق، وضحكاتنا وخطواتنا التي انحفرت في حارات الشام القديمة”.

ووصفت ميرنا صديقها بخائن الثقة بعدما استغلّ علاقته بها، وحديثه معها المطوّل بالتقرب منها ليصل إلى مبتغاه، مضيفة: “صدق من قال لا توجد صداقة حقيقية بين الرجل والمرأة.. ها أنا خسرته إلى الأبد، ولم أعد أتقبل وجوده كصديق في حياتي”.

وذكر الدكتور النفسي مثالاً يوضّح من خلاله جوهر هذه العلاقات: “عندما ينقطع أحدهم في الصحراء لأيام، ويأتي شخصاً باتجاهه ليقدّم له الماء الذي ينقصه، فسيشعر بمحبة وامتنان تجاهه، ولكن كل هذه المشاعر لا تعني الحب”.

وأضاف “عمار”: “عندما يتقرّب الشاب والفتاة الصديقان في الجامعة أو العمل، يشبعان حاجات بعضهما وبعض ما ينقصهما، فيتشكل لديهما نوع من المشاعر ويعتقدان أنها حب، ولكنها ليست كذلك”.

“توأم الشعلة”.. عندما يتوّج الحب بالصداقة

يتبادل “روميو وجولييت”، كما يلقّبان الضحكات العالية عند تحضير طبق بسيط ليحتفلا مع بعضهما في سهرة عيد الحب داخل المنزل، ليقول لها المهندس الزراعي “وسام” (55 عاماً) ساخراً” لا بحبك.. ولا بموت فيكِ.. ولا أنا متعلقة روحي بإيديك”.

لترد زوجته المتخرّجة من علم النفس “سلام” (50 عاماً): “ومين حبّك ويقدر مرة تانية يحب”.. ليكمل الزوج العاشق أغنية وائل كفوري، قائلاً: “لا اتصدقي عم أكذب عليكِ”.

وتحوّل العاشق والمعشوق إلى صديقين حميمين بعد علاقة حب دامت بينهما 11 عاماً قبل زواجهم السعيد، يتشاركون فيه الأفكار ويتشابهون بالأشكال، ويشعرون ببعضهم بعضاً باتصال روحي عميق رغم كل محاولات الحياة للتفريق بينهما، لكنها أبت أن تنجح.

وأكد الاختصاصي في علم النفس أن “الحب الناجح بين الطرفين، هو الذي تليه الصداقة بعد وقت، وسط مستوى معين من الانسجام الروحي والعقلي والنفسي والجسدي، إضافة إلى التواصل القوي بينهما حتى لو بعدتهما المسافات”.

وأردف “عمار”: “بهذه الحالات يتحول الحب بينهما لأعلى درجاته ويصبحان أصدقاء، ويطلق عليهما اسم “تؤام الشعلة”، أي يشبهان شعلة نار غير قابلة للانفصال”.

“وتنعدم الحواجز والمسافات الشخصية في هذه الحالة بينهما، إلى أن يتماثلان بالشكل والحركات على مبدأ الحكمة العربية “صديقك من صدقك”، ليصبحا شركاء الدرب وسط حب لا ينته ولا يكسر”، بحسب “عمار”.

“العيب فيكم.. يا فحبايبكم!”

“العيب فيكم.. يا فحبايبكم.. أما الحب يا روحي عليه”، هكذا تحنو “أم كلثوم” وتُطبطِب على كتف العشاق أو الأزواج الذين وصلوا إلى مرحلة “الفتور العاطفي”، أو انتهاء العلاقة.

وربما كانت هذه العلاقات منذ البداية رتيبة وتقليدية، وتكفي حاجات الطرفين بطريقة أو بأخرى، إلا أنها لم تكن تتجلّى بالحب الحقيقي الذي تحدّثت عنه الأساطير أو كتب الأدب، إنما هي كانت تندرج تحت بند واحد فقط، “لازم نتزوج، ونعمل عيلة”.

وأشار الدكتور النفسي إلى أن “للحب أنواع منها الحب العقلي بين الطرفين، أي عبر تقارب الأفكار والسلوكيات وتشابه منظومة القيم، ولكنه ليس بالمعنى الحقيقي للحب، بل هو بمثابة عشرة ومودة ويسمح باستمراية الزواج لا أكثر”.

“أما النوع الثاني، فهو الحب النفسي، أي يرى الطرفين تشابه كبير في صفاتهم النفسية وقواسم مشتركة في جوانبهم الوجدانية ونظرتهم إلى الحياة، ومن الممكن نجاح هذه العلاقة ولكنها لا تعبر أيضاً عن الحب الحقيقي”، بحسب “عمار”.

الحب الروحي لا يموت!

تحدث الاختصاصي في علم النفس عن النوع الثالث للحب، وهو الحب الروحي أو الروحاني الذي يتجلّى بالقول: “حبيت شخص بدون ماأعرف السبب”.

وأفاد “عمار” بأن هذا الحب شامل لكل شيء مثلما قال جبران خليل جبران: “الحب هو وليد لحظة لقاء روحي بين شخصين إذا لم يأتي في اللقاء الأول فإنه لن يأتي ابداً”.

ويقول أحد الحكماء: “في الحياة عشرة – حب تعوّد.. وإيّاك أن تتوّهم بأن إحدى هذه الكلمات هي الوسطى لأن كل واحدة منفصلة عن غيرها ولا تشبه الأخرى”.

وأكد “عمار” أن “الحب كاف لإنجاح اي علاقة، ولكن بشرط ان يكون هناك توازن نفسي لدى  الطرفين، وأن يكونا على مستوى نضج معيّن وثقافة”.

وختم “عمار”: “عند فشل أي علاقة يتخلّلها الحب الحقيقي، يعود فشلها إلى الأشخاص نفسهم  لأنهم غير متوازنين وهناك خلل في شخصياتهم وسلوكهم، والحب بريء من هذا الفشل”.

وكم من علاقة حب حقيقي دامت سنوات، ومازالت قلوب أبطالها تنبض عشقاً في نفس المشاعر الأولى، المتجدّدة والمجرّدة والقويّة بمواجهة ضغوطاتهم النفسية وظروفهم الحياتية التي قد تكون كفيلة بإنهاء أي علاقة، لأن حبّهم الروحي وحده باق ولا يموت.

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا كوريا الديمقراطية تؤكد دعمها وتضامنها الكاملين مع سوريا تونس تندد بالهجمات الإرهابية شمال سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها مصدر في وزارة الكهرباء يبين الوضع الكهربائي في محافظة حلب بعد دخول الإرهابيين إليها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال المالكي يدعو للوقوف مع سوريا بوجه الإرهاب: سقوطها يعني استباحة المنطقة بأكملها "السادة المعامرة الأشراف" بالحسكة: الالتفاف حول الجيش في حربه ضد المجاميع الإرهابية مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم عضو المكتب التنفيذي بريف دمشق لداما بوست: حوالي 40 ألف وافد من حلب وحماة السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا...