بين الوعود والواقع.. تدهور بيئي وصحي يهدد طلاب المدينة الجامعية في المزة
رغم المظهر الخارجي المنظم والمداخل المزينة بالنوافير الجديدة، يعيش طلاب المدينة الجامعية في المزة وسط العاصمة دمشق واقعًا يوميًا مختلفًا تمامًا خلف الجدران. فبين الغرف والممرات، تتزايد الشكاوى من مياه غير صالحة للشرب، ومرافق مهترئة، وصيانة متقطعة لا تمس جوهر المشكلة.
مياه الخزانات.. مصدر قلق صحي
يشير عدد من الطلاب إلى إصابتهم بأمراض معوية نتيجة تلوث مياه الشرب داخل السكن، إذ أظهرت تحاليل طبية وجود جراثيم يُرجَّح أن مصدرها الخزانات القديمة.
ويقول طلاب إن لون المياه ورائحتها أحيانًا تجبرهم على شراء مياه معبأة رغم صعوبة أوضاعهم المادية، أو على غليّ المياه قبل استخدامها. ورغم أن الإدارة قامت بعدة محاولات لضخ مياه جديدة وتنظيف بعض الخزانات، إلا أن غياب جدول دوري ثابت للصيانة يجعل المشكلة تتكرر باستمرار، ما يجعلها تهديدًا حقيقيًا لصحة المقيمين.
مرافق غير نظيفة ورطوبة خانقة
المشكلة لا تقف عند المياه فقط. فالطلاب يشتكون أيضًا من تردي النظافة في الحمامات والمطابخ والممرات، حيث وصف بعضهم الوضع بأنه “غير مريح حتى لأداء الصلاة أو الدراسة”. وتقول طالبة في إحدى الوحدات القديمة إن المياه تتسرب باستمرار من الحمامات دون أي متابعة جدية، مشيرة إلى أن ذلك ينعكس على الصحة النفسية ويجعل كثيرين يفضلون البقاء في غرفهم.
وفي الطوابق السفلية، تتفاقم المعاناة بسبب الرطوبة العالية وغياب التهوية وظهور العفن على الجدران. وروت طالبة سابقة أنها أُصيبت بمرض في الجهاز الهضمي، ونصحها الطبيب بمغادرة السكن فورًا بسبب سوء التهوية. ورغم علم الإدارة بهذه الحالات، فإن الاكتظاظ يجبرها على إبقاء تلك الغرف قيد الاستخدام، مع تنفيذ إصلاحات سطحية لا تعالج الأسباب الأساسية.
صيانة متقطعة وأعمال مؤجلة
مؤخرًا، بدأت إدارة المدينة أعمال صيانة محدودة شملت بعض الحمامات والمطابخ، لكن العملية رافقها توقف جزئي للخدمات بعد تكسير الجدران، ما اضطر الطلاب لاستخدام مرافق في وحدات أخرى. توقفت الأعمال لفترة نتيجة نقص المواد، قبل أن تُستأنف بعد تأمين بعض المستلزمات. إلا أن وتيرتها البطيئة وعدم وضوح خططها الزمنية جعلا الطلاب يشككون بجدواها.
تحسينات شكلية ووعود بالإصلاح
رغم الانتقادات، شهدت المدينة الجامعية خلال الأشهر الأخيرة بعض التحسينات الخارجية، مثل إنشاء نوافير جديدة وتزيين المداخل وافتتاح كافيتيريات ومسجد قيد الإنشاء. ورحب الطلاب بهذه الخطوات، لكنهم شددوا على أن تحسين المظهر الخارجي لا يعالج أزمات المياه والصرف والنظافة.
مصادر داخل السكن قالت إن الإدارة الجديدة عقدت اجتماعات مع ممثلي الطلاب وطرحت خططًا لتحسين الكهرباء والمياه والصيانة “وفق الإمكانيات المتاحة”، مشيرة إلى أن الأولوية الآن للبنية التحتية. ورغم أن بعض الطلاب لاحظوا انتظامًا نسبيًا في خدمات الكهرباء والمياه، إلا أن الأثاث المهترئ والغرف القديمة ما زالت بانتظار حلول جذرية.
السكن الجامعي.. أكثر من مجرد مبيت
يرى الطلاب أن السكن الجامعي يجب أن يكون بيئة تعليمية داعمة، لا مجرد مكان للمبيت. أحد الطلاب قال: “طالب العلم لازم يتأمّن له مكان يليق فيه، بيئة نظيفة تساعده يركّز ويدرس، مو بس شكل حلو من برا”.
تختصر تجربة طلاب المزة الجامعية واقعًا أوسع للشباب السوري الذي يسعى لمتابعة دراسته في ظروف صعبة. فبين وعود بالإصلاح وواقعٍ صحي وبيئي متدهور، تبقى الحاجة إلى سكن جامعي إنساني وآمن مطلبًا أساسيًا لضمان حق الطلاب في التعليم والكرامة.
اقرأ أيضاً:جامعة دمشق تسمح لطلاب السويداء بالدوام في دمشق أو فروعها بسبب الظروف الأمنية