براغماتية الشرع: صراع الفتاوى بسبب دخول سوريا التحالف الدولي
لم يعد النمط السياسي الذي قرره الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع خافياً، إذ يرتكز على البراغماتية السياسية والسعي نحو الحل الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى الاقتناع بنماذج التطور لدى دول التنمية الصاعدة، بهدف بدء مرحلة إعادة الإعمار.
أحدثت هذه النقلة السريعة لدى الشرع إرباكاً وغضبة في صلب الأوساط الأصولية ومنظّريهم. وبحسب المقال المنشور في صحيفة “الشرق الأوسط”، صدرت عديد من الفتاوى والكتابات القلقة والمصدومة من هذا التغيّر السريع، حيث الانتقال من جبهات حلب ودرعا إلى بلاط البيت الأبيض. فقد ارتطمت نظريات الأصولية بـجبالٍ من الأسئلة، وعاشت مشاعر الخيبة والإحباط.
الفتاوى المتناقضة: التكفير مقابل التبرير الشرعي
لقد ركز خطاب الشرع بعد توليه الحكم على الجوانب السياسية والاقتصادية، وأهمل بشكل كبير التبرير الفقهي لتوجهه الجديد أمام حلفاء الأمس. هذه الثغرة، كما يذكر المقال، استغلها معارضوه لضرب مشروع «الخروج السوري» من الأزمة الكبرى.
ووفقاً لما جاء في المقال المنشور بعنوان “الفتاوى المتصارعة… سوريا في التحالف الدولي”، فإنه بالتزامن مع زيارة الشرع، نُشرت فتوى مطوّلة لوزير العدل السوري مظهر الويس.
كان الهدف من هذه الفتوى هو ردم الهوّة الفقهية بين سياسات الشرع الجديدة وغضب الأصوليين. تأتي فتوى الويس رداً على فتاوى مناوئة لدخول سوريا في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم «داعش».
فمثلاً، ينقل المقال عن أحد المفتين قوله إن:”من يدخل هذا الحلف لتنفيذ الأجندة الأميركية حاملاً مشروعاً علمانياً ديمقراطياً، ففعله رِدَّة، لأن فيه متابعة للكفار على كفرهم وإعطاءهم مقاليد الطاعة، ولا التفات للحجج الواهية هنا من منع الظلم والبغي لأن هذا لا يبرِّر فعل الكفر”.
ويؤكد المقال أن مثل هذه الفتاوى التحريضية تعكس الانقسام النظري الحاد داخل التنظيمات الأصولية.
أساس مشروعية الانضمام للتحالف
قدم وزير العدل مبررات فقهية محددة لدخول سوريا التحالف الدولي، ترتكز على ما يلي:
- المصالح والمفاسد: ترجيح كفة المصالح العامة ودرء المفاسد والشرور.
- شكل التعاون: العمل يأخذ شكل التنسيق والتعاون المعلوماتي والتدريبي الذي يعزز سيطرة الدولة واحترام سيادتها.
- الضوابط الشرعية: لا يتضمن أي تنازلٍ عن حقٍ شرعي أو إقرارٍ بمخالفة، بل هو استفادة من الوضع القائم الذي سببه الدواعش.
وبناءً على هذه الضوابط، يرى الويس أن هذا الأمر مشروع ويندرج ضمن قواعد السياسة الشرعية وفقه الواقع.
خلاصة التحدي القائم
ويشير المقال في خلاصته إلى أن هذا الجدل المحتدم يبرز مدى خطورة الوضع المستقبلي في سوريا. ويحذر المقال من أن التنظيمات الإرهابية قد تسعى للانتقام، وأن التحديات لم تنتهِ بعد. كما يجب الانتباه إلى مكر هذه التنظيمات التي ترى نفسها شريكة في «التحرير» وتطالب بحصتها.
ويشدد المقال على أن هدم البناء النظري المعقد لهذه الجماعات يتطلب جهداً ووقتاً وصبراً وقوّة لا تلين، ولا يكفي له إصدار فتوى واحدة.
اقرأ أيضاً:واشنطن تستقبل الشرع بلا مراسم رسمية: لقاء مغلق وسط معلومات متفرقة
اقرأ أيضاً:رويترز: سوريا تحبط محاولتين لاغتيال الشرع