“لا مكان للمشاة”: إشغال الأرصفة في المدن السورية يحولها لمساحات تجارية ويهدد السلامة العامة

تحوّلت الأرصفة في معظم المدن السورية إلى مساحات تجارية لعرض البضائع بدلاً من أن تكون ممرات آمنة للمشاة.

هذا الواقع دفع المارة للنزول إلى الشوارع المخصصة للسيارات، مما أدى إلى زيادة حوادث الدهس والازدحام المروري، وسط اتهامات بغياب الرقابة البلدية الفعلية.

الأرصفة تتحول إلى أسواق والمارة ضحايا

المشهد يتكرر في حلب وحمص وغيرها من المدن، حيث بات السير على الرصيف تحدياً أو أمراً مستحيلاً:

حوادث الدهس: تضطر أمينة عبدو، موظفة في حلب، للسير بمحاذاة السيارات صباح كل يوم، وتشير إلى مشاهدتها حوادث دهس متكررة، مثل تعرض طفل صغير للاصطدام بسيارة لأنه اضطر للسير بجانب والدته على طرف الطريق بعد أن ضاق الرصيف.

الازدحام المروري: يؤكد محمود الصالح، سائق سيارة أجرة في حمص، أن إشغال الأرصفة بالبضائع، الأثاث، والخضار، يدفع المشاة إلى النزول للطريق، مما يسبب ازدحاماً متواصلاً، خصوصاً في ساعات الذروة، ويضع السائقين في موقف صعب لتجنب الاصطدام بهم.

ظاهرة عامة: لم تعد الظاهرة مقتصرة على الأسواق الشعبية، بل امتدت إلى الشوارع الرئيسية، حيث يتعامل بعض أصحاب المحلات مع الأرصفة كـ”امتداد طبيعي لأملاكهم الخاصة”، ويضعون بضائع ومظلات وكراسي دون اعتبار لحق المارة

ضعف الرقابة وغياب الاستمرارية

يشير المواطنون إلى أن المشكلة تكمن بالدرجة الأولى في غياب الرقابة الفعالة:

حملات شكلية: تنفذ البلديات أحياناً حملات لإزالة الإشغالات، لكن أمينة عبدو تؤكد أن النتائج “لا تستمر أكثر من يومين أو ثلاثة أيام”، ثم تعود البسطات كما كانت، مما يدل على عدم وجود متابعة حقيقية.

تطبيق القانون على الضعفاء: هناك شعور سائد بأن “القانون لا يطبق إلا على الضعفاء، بينما أصحاب النفوذ يفعلون ما يشاؤون من دون رادع”.

النقد الهندسي والحاجة إلى التخطيط الحضري

يرى المهندس مازن علوش أن أزمة إشغال الأرصفة ليست مجرد مخالفة فردية، بل هي نتيجة تراكمات وغياب للتخطيط الحضري السليم؛

تدهور البنى المرورية: احتلال الأرصفة يضعف البنى المرورية ويزيد الحوادث، خاصة أن شوارع المدن السورية القديمة لم تُصمم لتحمل هذا النوع من الاستخدام العشوائي.

تداخل الصلاحيات: يؤدي غياب الرقابة المنتظمة وتداخل الصلاحيات بين البلديات والجهات الأمنية والإدارية إلى صعوبة تطبيق القوانين بشكل عادل ومستدام

مطالب لحلول مستدامة:

طالب علوش بإعادة النظر في تنظيم الأسواق، وإنشاء مناطق مخصصة للبائعين المتجولين، واستخدام التقنيات الحديثة في الرقابة الميدانية (مثل تطبيقات التبليغ).

وشدد على ضرورة إشراك المجتمع في إيجاد حلول عبر برامج توعية تهدف إلى “احترام حق الإنسان في السير بأمان على رصيف خالٍ من العوائق”.

 

إقرأ أيضاً: السويداء منا وفينا: حملة تبرعات أم استعراض سياسي؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.