التوترات في شمال حلب تعرقل الاستثمار وتأخير إعادة الإعمار
تواجه مدينة حلب عقبة جديدة أمام جهود التعافي الاقتصادي بسبب استمرار حالة التوتر الأمني والعسكري في أحياء مثل الأشرفية والشيخ مقصود وحي بني زيد المجاور، الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). ويثير هذا الوضع مخاوف رجال الأعمال والسكان من اندلاع قصف أو اشتباكات مفاجئة، ما يعرقل مشاريع الإعمار ويثني المستثمرين عن العودة إلى المدينة.
مناخ استثماري هش
يتفق عدد من أصحاب الورش الصناعية والمستثمرين المحليين على أن أي تهديد متكرر للأمن يرفع كلفة التشغيل ويزيد من مخاطر خسارة رؤوس الأموال، مشيرين إلى أن وقوع قذائف هاون أو اشتباكات متفرقة في المناطق السكنية يجعل المدنيين عرضة للخطر ويصعب على الورش والمعامل الصغيرة مواصلة عملها بشكل منتظم.
وقال الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إن الاستقرار السياسي والأمني والعسكري هو المدخل الرئيسي لأي انتعاش اقتصادي في سوريا. وأضاف أن استمرار بعض القوى، وعلى رأسها “قسد”، في افتعال توترات ميدانية – خصوصاً في حلب – يعيد رسم المشهد بطريقة تعرقل أي تقدم حقيقي في مسار الاستقرار وجذب الاستثمارات.
آثار اقتصادية مباشرة
امتدت آثار التوترات إلى أحياء الأشرفية والشيخ مقصود، حيث توقفت كثير من ورش الخياطة عن العمل بسبب غياب العمالة وارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى صعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج نتيجة تحكم بعض التجار بعمليات التوزيع واحتكارها. وأكد السيد عمر أن فرص الاستثمار تعتمد بشكل أساسي على الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، مشيراً إلى أن التوترات الحالية تخلق بيئة مضطربة تعوق إطلاق مشاريع تنموية طويلة الأمد.
وأشار إلى أن الشركات عند دراسة أي بيئة استثمارية تأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل وضوح الإطار القانوني وفاعلية المؤسسات في حماية الاستثمارات، وتُقاس هذه العوامل من خلال مؤشرات دولية مثل مؤشر مخاطر الاستثمار ومؤشر الاستقرار السياسي، والتي تؤثر مباشرة على قرارات دخول السوق.
عرقلة عودة النازحين
لا تقتصر آثار التوتر على الاقتصاد، بل تمتد إلى الجانب الإنساني، إذ أدى الوضع الأمني إلى تراجع كثير من النازحين عن العودة إلى حلب، لا سيما أولئك المقيمين في دول الجوار وأوروبا.
يقول أبو أحمد، نازح من حلب يعيش في مدينة اعزاز شمال المدينة: “كنت أنوي العودة مع دخول فصل الشتاء، لكن عندما سمعت عن الاشتباكات والقصف عدت عن قراري، لا أريد أن أعرض أولادي للخطر من جديد. الوضع الأمني هش ويجعل أي خطوة للعودة محفوفة بالمخاطر”.
وأضاف السيد عمر أن التوترات المستمرة في شمال حلب وفقدان الثقة في استقرار الأوضاع الأمنية يجعل السكان والمستثمرين يعيشون حالة ترقب دائمة، ما يعيق مشاريع صغيرة مثل المحال التجارية وورش الخياطة ويؤخر بدء أي أعمال إعادة إعمار أو مشاريع اقتصادية في المدينة.
الطريق إلى التعافي
ويخلص الخبراء إلى أن الطريق نحو التعافي الاقتصادي في حلب يمر عبر تحقيق استقرار شامل، يتيح عودة رأس المال وتفعيل الإنتاج وبناء الثقة بين المستثمرين والمواطنين، مؤكدين أن استمرار التوترات العسكرية والسياسية المفتعلة يعمّق الأزمة الاقتصادية ويقلل من فرص النمو والتنمية.
اقرأ أيضاً:ريف حلب الجنوبي في قبضة الاعتقالات… هل تنفجر الأوضاع الأمنية؟