نقص واردات الطحين يهدد الأمن الغذائي في رأس العين

تشهد مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة منذ نحو عشرة أيام أزمة خبز خانقة، بعد تراجع كميات الطحين الواردة إلى المدينة، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الفرن الآلي الوحيد فيها، وارتفاع أسعار الخبز بشكل غير مسبوق في السوق السوداء.

ففي الوقت الذي لا تزال تُباع فيه ربطة الخبز في الفرن الآلي بنحو 1000 ليرة سورية (أي ما يعادل تقريبًا أربع ليرات تركية)، وصل سعرها في السوق إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية، أي عشرة أضعاف السعر الرسمي، في ظل استغلال واضح من قبل بعض التجار وأصحاب البسطات.
ويأتي ذلك في وقتٍ يبلغ فيه سعر صرف الدولار حوالي 11,500 ليرة في السوق السوداء، ما يفاقم الأعباء المعيشية على سكان المدينة البالغ عددهم نحو 115 ألف نسمة، معظمهم من العاملين في الزراعة بأجور تتراوح بين 80 و100 ألف ليرة سورية يوميًا.

معاناة مضاعفة للأهالي
الأزمة الحالية أثقلت كاهل السكان، الذين يضطرون للانتظار لساعات طويلة أمام الفرن أو شراء الخبز بأسعار باهظة.
عمار الشريع، عامل بناء وأب لسبعة أطفال، أوضح أن أجرته اليومية لا تتجاوز 70 ألف ليرة سورية، بينما يضطر إلى إنفاق ما يقارب نصف دخله اليومي لشراء الخبز من السوق السوداء، قائلاً: “كنا نشتري الربطة قبل الأزمة بأربع ليرات تركية، أي حوالي ألف ليرة سورية، أما اليوم فأصبح الخبز عبئًا حقيقيًا على عائلتي.”

من جهتها، تحدثت عبلة المحمد، وهي أم لأربعة أطفال، عن صعوبة حصولها على حصتها من الخبز عبر المندوب، مشيرةً إلى أنها لم تتسلم سوى ربطتين خلال أسبوع كامل، بالكاد تكفيان ليوم واحد.
تقول عبلة إنها لجأت إلى شراء كيس طحين وزن 5 كيلوغرامات بسعر 75 ألف ليرة سورية، بعد أن كان لا يتجاوز 35 ألفًا قبل الأزمة، لتقوم بخبز حاجتها في المنزل على موقد صغير صنعته بنفسها.

الريف يعتمد على نفسه
الأوضاع في الريف ليست أفضل حالًا. فمع توقف توزيع الخبز نهائيًا منذ أكثر من عشرة أيام، اضطر السكان للاعتماد على مؤونتهم من القمح وتحضير الخبز منزليًا.
محمد عمار، مندوب لتوزيع الخبز في أربع قرى بريف رأس العين الغربي، أوضح أنه كان يتسلم يوميًا 730 ربطة خبز لتوزيعها، لكنه لم يتلق أي كمية منذ بدء الأزمة.
وأضاف أن معظم الأهالي جهزوا هذا العام مؤونة من القمح تحسبًا لمثل هذه الانقطاعات المتكررة، إلا أن طحن القمح وخبزه منزليًا مكلف مقارنة بخبز الفرن الآلي، الذي يتميز بجودة أفضل وسعر أقل.

أسباب الأزمة والإجراءات المتخذة
وفق المجلس المحلي في مدينة رأس العين، فإن السبب الأساسي للأزمة يعود إلى توقف واردات الطحين التي كانت تصل بانتظام من “إدارة الكوارث والطوارئ التركية” (AFAD)، والتي كانت تزود المدينة شهريًا بنحو 600 طن من الطحين بشكل مجاني.
المتحدث باسم المجلس المحلي، زياد ملكي، أوضح أن عملية الجرد التي تجريها “AFAD” تسببت بانقطاع مؤقت للواردات، ما اضطر الفرن الآلي لتقليل الإنتاج للحفاظ على احتياطي الطحين البالغ نحو 40 طنًا فقط.

وأضاف ملكي أن المجلس المحلي يسعى لشراء كميات إضافية من الطحين ضمن الإمكانيات المتاحة لضمان استمرار إنتاج الخبز بالسعر الرسمي، مؤكدًا أن الفرن لم يتوقف عن العمل كليًا، لكنه خفّض الإنتاج بشكل كبير إلى حين وصول شحنات الطحين الجديدة.
وأشار إلى أن الطاقة الإنتاجية المعتادة للفرن تبلغ نحو 30 ألف ربطة يوميًا، وهي كميات تغطي احتياجات المدينة وريفها في الظروف الطبيعية.

زراعة ومواشي تحت الضغط
تُعد الزراعة وتربية المواشي من أهم مصادر الدخل لسكان رأس العين ومناطق الشمال السوري عمومًا، إلا أن الأزمات المتكررة في تأمين الطحين والخبز تجعل من تأمين الغذاء اليومي تحديًا دائمًا للأسر.

اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.