طالبة تضرب معلّمتها ووالد يهدد بالقتل… ما الذي يحدث في مدارس سوريا؟
شهدت عدة مناطق في سوريا مؤخراً حوادث عنف خطيرة داخل المدارس، كان ضحيتها معلمون ومعلمات، في ظل تصاعد الخطاب التحريضي ضد الكادر التعليمي، وغياب واضح للردع القانوني والاجتماعي.
ويطرح هذا الواقع سؤالاً ملحّاً: كيف يمكن حماية المعلم والطالب معاً؟
إقرأ أيضاً: إضراب المعلمين والطلاب في اللاذقية: صرخة ضد العنف الطائفي
حوادث صادمة: طالبة تضرب معلمتها ووالد يهدد بالقتل:
في حادثة لافتة نشرتها منصة “صوت المدينة” الخاصة بنقل أخبار دير الزور، اقتحم والد طالب إحدى المدارس في دير الزور، مهدداً المعلمة بالدفن داخل الإدارة، بعد أن وبّخت ابنه بسبب عدم انضباطه، دون أي إساءة جسدية أو لفظية بحسب الرواية.
وقال الوالد علناً أمام الطاقم الإداري: “يلي اتمد إيدها على ابني أو بنتي، والله لأدفنها بالإدارة!”
في حادثة أخرى بمدرسة “العرفي للبنات”، قامت طالبة من الصف التاسع بلكم معلمة الرياضة على كتفها بقوة، ما تسبب بانهيار المعلمة وبكائها، قبل أن يتم اصطحابها إلى المنزل وهي في حالة نفسية سيئة، بسبب مجرد تنبيه للطالبة لعدم ضرب الكرة بقوة.
الخوف يتسلل إلى صفوف المعلمين:
تقول “ريتا”، معلمة من ريف جبلة، إن ابنتها عادت من المدرسة فرحة، وأخبرتها أن “المعلمات مابقا يسترجوا يحكونا ولا كلمة، لأنن رح ينسجنوا”.
وتضيف لموقع “سناك سوري”: “هذا ليس شيئاً يُفرح. كوني معلمة، أعلم أن التعامل مع الصف يحتاج إلى مزيج من الحزم والتفهم، لكن اليوم نحن كمعلمين صرنا نخشى حتى التنبيه، لأن الأهل باتوا يصدقون الطالب أكثر من المعلم”.
وبسبب هذا الواقع، تؤكد أن بعض المعلمين يفضلون تحويل الطالب المشاغب إلى الإدارة، هرباً من أي مسؤولية قانونية أو صدام مع الأهل.
موقف وزارة التربية: تعميم ضد العقاب الجسدي:
رداً على تصاعد حالات العنف، أصدرت وزارة التربية السورية تعميماً يمنع بشكل قاطع ممارسة أي شكل من أشكال العقاب الجسدي أو اللفظي ضد الطلاب، تحت أي مبرر.
ودعت الوزارة إلى استخدام وسائل تربوية بديلة، تهدف إلى تعزيز الانضباط بطريقة إنسانية وتربوية، مشيرة في الوقت نفسه إلى ضرورة حماية المعلمين من أي مساءلة غير عادلة أو تحميلهم تبعات لا يقصدونها.
غياب الحماية الفعلية للمعلمين:
ورغم أهمية التعميم، يرى كثير من التربويين أن النصوص وحدها لا تكفي. فالمعلمون بحاجة إلى آليات دعم فعلية، تشمل:
1- تفعيل دور المرشدين النفسيين في المدارس
2- وضع بروتوكول واضح للتعامل مع حالات الاعتداء من الطلاب أو الأهالي
3- إقامة ورش تدريب للكادر التعليمي على أدوات التأديب التربوي البديلة
4- سن قوانين تحمي المعلم كما تحمي الطالب
يقول أحد التربويين: “بلا حماية قانونية حقيقية، سيتردد المعلم في أداء واجبه، وهذا يعني انهيار العملية التعليمية بالكامل”.
العقاب الجسدي من وجهة نظر الصحة العالمية:
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن العقاب البدني يسبب آثاراً نفسية وجسدية خطيرة على الأطفال، ويؤدي إلى:
1- اضطرابات سلوكية ونفسية
2- القلق والاكتئاب وضعف تقدير الذات
3- زيادة العدوانية وعدم الاستقرار العاطفي
4- التسرب المدرسي وتراجع الأداء الأكاديمي
5- تغييرات في الدماغ والجهاز العصبي بسبب التوتر المزمن
وتربط المنظمة بين التعنيف في الطفولة وبين سلوكيات عنيفة في مرحلة البلوغ، قد تشمل الإدمان أو الانخراط في الجريمة.
أزمة ثقة: الطالب دائماً على حق؟
يشير تربويون إلى أن تصاعد حالات الاعتداء اللفظي والجسدي على المعلمين يعكس تراجع هيبة المؤسسة التعليمية، وانعدام الثقة بين الأهل والكادر التدريسي. ويحذرون من أن التطبيق الأعمى للتعاميم، دون آليات حماية، يدفع المعلم للشعور بالتهديد الدائم.
ويؤكد البعض أن “كلما زادت حماية الطالب وحده، دون توازن، كلما فقد المعلم قدرته على ضبط الصف وتوجيه السلوك”.
الحل: بيئة مدرسية متوازنة وآمنة
لحماية العملية التعليمية، يطالب الخبراء بـ:
1- توازن تشريعي بين حماية الطفل والمعلم
2- إشراك الأسرة في العملية التربوية لا استخدامها كأداة ضغط
3- ترسيخ ثقافة الاحترام المتبادل داخل المدارس
4- إعادة الاعتبار لدور المعلم في بناء المجتمع
إقرأ أيضاً: من الخطف إلى غياب المقاعد.. التعليم في سوريا يدق ناقوس الخطر!
إقرأ أيضاً: اقتحام كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق وحجز عميد الكلية.. التعليم في سوريا إلى أين؟