لماذا لا يهدأ طفلك إلا بين ذراعيك؟ علم الأعصاب يكشف “ذاكرة الجسد الأمومي”!
لغز الأمان المطلق: أنتِ المفتاح الوحيد لتهدئة طفلك!
هي ظاهرة ترهق الأمهات وتثير أسئلة الآخرين: يشتعل الطفل بكاءً وصراخاً في يد الجميع، ثم تهدأ أنفاسه وتختفي نوبة غضبه بمجرد الاقتراب منكِ. وكأنكِ تحملين “زر إيقاف” سحرياً لا يملكه غيرك!
إذا كنتِ تشعرين بالإرهاق أو القلق من هذا التعلق الشديد، فاعلمي أن الأمر يتجاوز الحب الأبدي. العلم يؤكد اليوم أن هذا الرابط ليس فقط عاطفياً، بل هو كيميائي وعصبي وجسدي عميق، يُدعى في علم النفس بـ “ذاكرة الجسد الأمومي”.
أول “خريطة أمان” في الحياة
ما هي هذه الذاكرة الخفية؟ إنها ليست صوراً أو أحداثاً واعية، فالرضيع لا يمتلك ذاكرة إدراكية بعد. بدلاً من ذلك، لديه “ذاكرة جسدية” سجلت الإحساس بالأمان أو التوتر عبر التجارب الحسية المبكرة:
نبض قلبكِ: كان أول إيقاع عالمي سمعه الطفل في عالمه الأول.
صوتك ورائحتك:
هي المكونات الثابتة للبيئة التي تعلّم فيها الطفل كيف يتنفس ويشعر بالاطمئنان.
تتسجل هذه التجارب عميقاً في الجهاز العصبي للطفل، لتُشكل خريطة داخلية للأمان لا ترتبط إلا بجسد الأم، دفئها، وطريقة حملها.
هرمون “الأوكسيتوسين”: الرابط الكيميائي
العلاقة الأمومية ليست مجرد تدليل، بل هي مدعومة بيولوجياً بأقوى هرمونات الجسم!
بمجرد احتضانك لطفلك، يفرز جسداكما معاً هرمون “الأوكسيتوسين”، المعروف بـ “هرمون الحب والارتباط”. هذا الهرمون يعمل بفعالية فائقة على خفض معدل التوتر لدى الطفل، مانحاً إياه شعوراً فورياً بالطمأنينة. هذا هو السبب العلمي الحقيقي وراء توقف نوبات البكاء المفاجئ عند لمسة يدكِ فقط!
امتياز لا عبء: متى يجب مشاركة الرعاية؟
رغم جمال هذا الرابط وقوته البيولوجية، فإن إرهاق الأم حقيقي. حين لا ينام الطفل إلا على صدرها، تعاني الأم من استنزاف مستمر.
الرسالة هنا واضحة:
هذا التعلق ليس مشكلة أو دليلاً على ضعف في الاعتماد على النفس، بل هو امتياز فطري ونقطة قوة في النمو العاطفي للطفل.
ومع أن الأم هي مفتاح التهدئة، إلا أن نمو الطفل يعني أن هذا التعلّق الشديد سيتطور تدريجياً. يمكن للأم مشاركة الرعاية مع أشخاص موثوقين، مثل الأب أو مقدمي الرعاية المقربين، لتضمن حصولها على الراحة اللازمة دون الإخلال بأساس هذا الرابط العميق.
في المرة القادمة التي يهدأ فيها طفلك بين ذراعيك، تذكري أنكِ لستِ مجرد حاملة له، بل أنتِ الحاضنة الأولى لذاكرته الجسدية، والمكان الذي تعلّم فيه كيف يكون آمناً وسعيداً.
إقرأ أيضاً : بين الحماية والحرية: مفتاح الأمومة الحكيمة لبناء شخصية طفل مستقلة.
إقرأ أيضاً : الأمومة والإنهاك: متى تصبح الاستراحة من أطفالك ضرورة نفسية؟