أسعار الإيجارات في اللاذقية تسجل أرقاماً صادمة.. ما الأسباب الحقيقية؟
في تطور لافت وغير مسبوق، أصبحت مدينة اللاذقية من بين أغلى المدن السورية من حيث أسعار الإيجارات خلال الأشهر الأخيرة، ما أثار استغراب السكان المحليين والعائدين من خارج البلاد. فبينما كانت المدينة تعرف سابقاً بكونها خياراً سكنياً مقبولاً نسبياً، إلا أن أزمة السكن في اللاذقية اليوم باتت واقعاً مؤلماً.
ما الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجارات في اللاذقية؟
بحسب تقرير نشره موقع “تلفزيون سوريا”، فإن أسعار إيجارات الشقق في مدينة اللاذقية ارتفعت بشكل حاد، حيث بلغ متوسط الإيجار الشهري ما بين 3 إلى 4 ملايين ليرة سورية، بعد أن كان لا يتجاوز مليون ليرة قبل عدة أشهر فقط.
ويعزو التقرير هذا الارتفاع الكبير إلى مجموعة من الأسباب، من أبرزها:
1- عودة أعداد كبيرة من المهجّرين والنازحين إلى المدينة، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الشقق السكنية بشكل كبير.
2- محدودية المساحة الجغرافية للاذقية، وقلة المشاريع السكنية الجديدة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى فجوة حادة بين العرض والطلب.
3- تحوّل السوق العقاري في سوريا إلى بيئة مضاربة، حيث يستغل بعض الملاك ارتفاع الطلب لفرض أسعار غير منطقية في ظل غياب الرقابة العقارية.
4- تأثير المغتربين السوريين، خصوصاً القادمين من الخليج وأوروبا، ممن يمتلكون قدرة شرائية أكبر ويدفعون بالدولار أو ما يعادله، مما ساهم في رفع سقف الأسعار.
ارتفاع الأسعار ينعكس على حياة السكان:
هذا الواقع خلق أزمات معيشية حقيقية للعائدين إلى المدينة وحتى للمقيمين فيها. فالكثير من المواطنين، مثل زياد الأحمدي العائد من تركيا، اصطدموا بواقع أسعار الإيجارات المرتفعة مقارنة بجودة المساكن، ما اضطرهم للانتقال إلى ضواحي المدينة رغم بُعدها وسوء الخدمات.
أما المدرسون وذوو الدخل المحدود، مثل أحمد غندور، فقد باتوا عاجزين تماماً عن تأمين سكن مستقل، ما دفعهم للعيش في ظروف صعبة مع عائلاتهم ضمن منزل واحد.
خبراء: السوق العقاري بحاجة لإصلاح جذري:
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي أحمد الغريب أن ما تشهده اللاذقية وباقي المدن السورية من أزمة عقارية، يعكس خللاً هيكلياً في سياسات الإسكان وغياب استراتيجيات فعالة لإعادة الإعمار.
وأكد أن غياب مشاريع الإسكان الاجتماعي وارتفاع كلفة البناء وندرة المواد الإنشائية، كلها عوامل عمّقت الأزمة، إضافة إلى غياب الرقابة والتنظيم في السوق العقاري.
أزمة السكن تُفاقم المشكلات الاجتماعية:
يحذر الخبراء من أن استمرار ارتفاع أسعار الإيجارات في سوريا قد يؤدي إلى تفاقم ظواهر اجتماعية خطيرة مثل:
1- الاكتظاظ السكني
2- عودة العائلات الممتدة للعيش تحت سقف واحد
3- الهجرة إلى الأرياف رغم ضعف الخدمات
4- ازدياد معدلات الفقر والبطالة
الحلول المقترحة
لحل الأزمة، يدعو الخبراء إلى:
1- فرض سقوف تنظيمية للإيجارات
2- تشجيع الاستثمار في السكن الاجتماعي
3- تنظيم العقود الإيجارية لحماية المستأجرين
4- دعم مشاريع بناء جديدة لتوسيع العرض في السوق
أزمة سكن حادة في اللاذقية تحتاج حلولاً عاجلة:
مع استمرار عودة النازحين وزيادة الضغط على المدن الكبرى، يبدو أن أزمة الإيجارات في سوريا مرشحة للتصاعد ما لم تتدخل الحكومة بشكل منظم وفعّال. ويبقى السؤال الأهم: هل تضع الجهات المعنية خطة وطنية شاملة لإنقاذ قطاع الإسكان؟
إقرأ أيضاً: تقرير حقوقي يوثّق انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين في ديسمبر 2025
إقرأ أيضاً: حمص تواجه اغتيالات بالدراجات النارية وسط اتهامات بالتغيير الديموغرافي