“هآرتس”: تحديات إعادة بناء الدولة السورية

نشرت “صحيفة هآرتس الإسرائيلية” تقريراً تحليلياً حول الوضع السوري بعد إسقاط نظام بشار الأسد على يد قوات أحمد الشرع، مشيرة إلى أن سوريا ما تزال تواجه صعوبات كبيرة في إعادة تشكيل مؤسسات الدولة وتحقيق الاستقرار، رغم مرور ثمانية أشهر على الإطاحة بالنظام السابق.

الواقع السياسي والعسكري

تشير هآرتس إلى أن الحكومة السورية تسيطر حالياً على نحو 60-70% من الأراضي، فيما لم تُدمج جميع الفصائل المسلحة ضمن الجيش الوطني، وما تزال القوات الأجنبية، سواء التركية والإسرائيلية أو الروسية والأميركية، متواجدة على الأرض. في الوقت نفسه، تهدد الأقليات الكردية والدرزية والعلوية بفرض اقاليم مستقلة، في حين يزداد نشاط تنظيم داعش في بعض المناطق.

تصف الصحيفة سوريا اليوم بأنها “مستودع لقطع التبديل” لتشكيل الدولة، حيث تتنافس العديد من القوى المسلحة والأقليات على النفوذ، ما يجعل مهمة الحكومة السورية معقدة، رغم الدعم المالي العربي ورفع جزئي للعقوبات، فضلاً عن تحرك رئيس المرحلة الانتقالية احمد الشرع دولياً لتعزيز موقعه.

الأزمات الإنسانية في السويداء

تسلط هآرتس الضوء على الوضع الإنساني في محافظة السويداء، التي تعيش حصاراً خانقاً وفقاً لمصادر محلية، وسط توقف عمل الأفران وشبكات المياه والكهرباء ونقص الأدوية. ويُقدر عدد النازحين بحوالي 200 ألف شخص، توجه بعضهم إلى درعا أو القرى المجاورة، بينما تحكم القوات المحلية والفصائل المسلحة على مرور المساعدات، أحياناً بالسماح وأحياناً بالمنع حسب مزاجها.

الانقسامات السياسية والأقليات

أوضح التقرير أن التوترات السياسية لا تقل عن التحديات العسكرية، حيث شهدت السويداء خلافات عميقة بين الزعماء الدرزيين، إذ انقسموا بين دعم الحكومة أو طلب تدخل القوات الدولية، بما فيها “إسرائيل”، رغم موقفهم السابق المعادي لها. وقد انعكس هذا الانقسام على مفاوضات “اللامركزية” التي عقدتها الإدارة الذاتية الكردية في الحسكة، حيث حضر نحو 400 زعيم من الدروز والكرد والعلويين والمسيحيين، وطالبوا بتعديل الدستور المؤقت لإعطاء حكومات محلية صلاحيات مستقلة.

نتيجة لهذه المطالب، اعتذرت دمشق عن المشاركة في محادثات باريس، ما أدى إلى تجميد المفاوضات حول وضع الأقليات، بينما تشير هآرتس إلى استعداد الحكومة السورية لخيارات عسكرية محتملة ضد القوات الكردية.

الدور الدولي وتأثيره

تقول هآرتس إن الولايات المتحدة تمارس ضغطاً على الكرد للتوصل لاتفاق مع الحكومة، بينما تسعى تركيا لإجبار “قسد” بوضع أسلحته تحت إشراف الجيش السوري. في الوقت ذاته، عملت روسيا على تعزيز علاقاتها مع القوات الكردية والطائفة العلوية لدعم استقرار الحكومة، في حين بقيت “إسرائيل” مترددة في التدخل المباشر.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الشرع اتخذ خطوات إدارية، بينها تأسيس “هيئة عدلية” للتحقيق في جرائم نظام الأسد السابقة، مع إشراك ممثلين عن الأقليات والمسيحيين والنساء، بهدف تحقيق نوع من التوازن السياسي واحتواء التوترات الداخلية.

الخلاصة

تختم هآرتس بأن الرئيس الشرع يجد نفسه عالقاً بين ضغوط الأقليات المحلية وتدخل القوى الإقليمية والدولية، مع مساحة محدودة للمناورة، ما يجعل إعادة بناء الدولة السورية مهمة شديدة التعقيد. وتضيف الصحيفة أن نجاح الحكومة يعتمد على قدرتها على التفاوض مع القوى المحلية وضمان وحدة البلاد، في ظل تناقض مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين.

إقرأ أيضاً: قسد تتهم دمشق بخرق اتفاق وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً: تصريحات حاسمة من «قسد» ودمشق: خلافات حول مستقبل سوريا تهدد اتفاق الدمج

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.