سوريا ساحة صراع للنفوذين الإسرائيلي والتركي: هل تشعل مناطق النفوذ صراعًا جديدًا؟

رغم اشتعال التوترات الإقليمية على جبهات متعددة، تمكنت كل من إسرائيل وتركيا من تعزيز نفوذهما في سوريا خلال الأشهر الماضية، في وقت تشهد فيه قوات “محور المقاومة” بقيادة إيران تراجعًا ملحوظًا. وفي هذا السياق، يطرح الدبلوماسي الإيطالي السابق ماركو كارنيلوس بمقال له في موقع “ميدل إيست آي” تساؤلات حاسمة: هل يمهّد هذا الواقع لاستقرار محتمل، أم ينذر بتفجّر أزمة إقليمية جديدة؟

إقرأ أيضاً: ممر داود يعود للواجهة: تحالف جغرافي بين قسد ودروز السويداء يثير مخاوف تفكيك سوريا

إسرائيل تصعد في جنوب سوريا تحت شعار حماية الدروز

نفّذت إسرائيل مؤخرًا سلسلة غارات جوية على مواقع في مناطق السويداء ودرعا، بذريعة حماية الطائفة الدرزية.

لكن تقارير أمنية تشير إلى أن الهدف الحقيقي لـ “إسرائيل هو خلق “منطقة عازلة” جنوب دمشق، وقد تتجه لاحقًا نحو إلغاء اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، سعياً إلى ترتيب أمني جديد يمتد خارج حدود الجولان المحتل.

ويرى محللون أن أي وجود مؤقت لـ “إسرائيل في جنوب سوريا قد يتحول إلى أمر واقع دائم، وهو ما يثير قلقًا متصاعدًا في دمشق وأنقرة على حد سواء.

تركيا تُعزّز نفوذها وتحقق أهدافًا استراتيجية

من جهة أخرى، نجحت تركيا في تحجيم تهديدات حزب العمال الكردستاني، وتعزيز سيطرتها على الشمال السوري. كما أنها دعمت عملية التغيير السياسي التي أزاحت بشار الأسد من السلطة لصالح أحمد الشرع، وتُوّجت جهودها بدور متزايد في التوسط في الصراعات الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا.

في ظل هذه التطورات، باتت أنقرة شريكًا إقليميًا رئيسيًا، إلى جانب إسرائيل، في رسم ملامح المعادلة الجديدة في سوريا.

سيناريو التقسيم: مناطق نفوذ تركية وإسرائيلية مع وجود أمريكي كردي

وفقًا لتحليل كارنيلوس، قد يشهد جنوب سوريا الممتد حتى أطراف دمشق نوعًا من النفوذ الإسرائيلي المباشر أو غير المباشر، بينما يظل الشمال والشمال الغربي تحت النفوذ التركي، باستثناء مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم من الولايات المتحدة.

ويخشى قادة “قسد” من أن يصبحوا الهدف التالي في حال توافق تركي إسرائيلي غير مُعلن، رغم الحماية الأمريكية القائمة حاليًا.

هل تستطيع واشنطن ضبط إيقاع حلفائها؟

في قلب هذا المشهد المعقد، يتساءل كارنيلوس: هل تستطيع الولايات المتحدة كبح جماح اثنين من أبرز حلفائها الإقليميين، إسرائيل وتركيا، ومنع تحول سوريا إلى شرارة صراع جديد؟

ويشير إلى أن السفير الأمريكي في تركيا، توماس باراك، الذي يشغل أيضًا منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، يتمتع بنفوذ مباشر لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قد يعكس رغبة أمريكية في صياغة استراتيجية شاملة للتعامل مع الملف السوري واللبناني معًا.

الشكوك التركية بشأن واشنطن

رغم التنسيق الأمريكي مع “قسد”، تُبدي أنقرة قلقًا متزايدًا من النوايا الأمريكية، معتقدة أن الولايات المتحدة ستُعطي الأولوية لـ “إسرائيل في أي تسوية مستقبلية. هذا الشعور بالتهميش قد يُعقّد جهود واشنطن في إدارة التوازن بين حلفائها.

سوريا على مفترق طرق

يرى كارنيلوس أن مستقبل سوريا يزداد غموضًا، خاصة إذا ما تم ترسيخ واقع التقسيم بحكم الأمر الواقع. فهل تُبقي واشنطن الأمور تحت السيطرة؟ أم أن الصراع على مناطق النفوذ بين إسرائيل وتركيا سيدفع البلاد نحو مرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية؟

إقرأ أيضاً: اتفاق أنقرة ودمشق: شراكة أمنية لكسر الهيمنة الإسرائيلية أم تنافس نفوذ في سوريا؟

إقرأ أيضاً: موقع المونيتور: أنقرة تضغط لإفشال محادثات باريس خشية تعزيز النفوذ الكردي بدعم فرنسي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.