تؤرق فكرة الحرب الشاملة الكيان الصهيوني بالرغم من ترسانته العسكرية التي دمر بها غزة ويحاول كلما سنحت له الفرصة أن يدمر مدناً غيرها تقاوم تلك الترسانة والغطرسة التي تمادت عبر أفعالها على كل الخطوط الحمر واستباحت دماء الأطفال والنساء وحتى الراكعين في صلواتهم مع الفجر.
وتنشغل وسائل الإعلام العالمية بما يدور في المنطقة من توتر بين إيران والكيان الصهيوني، على خلفية جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية اسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
وما زاد التوترات زيادة أمريكا لقواتها العسكرية في “الشرق الأوسط”، حيث تخشى من رد إيراني متوقع قد يؤدي إلى المزيد من التصعيد وتوسع الحرب في جميع أنحاء المنطقة.
إيران من حقها أن ترد على جريمة الاحتلال كون طهران تعتبر الاغتيال هجوماً مباشراً على سيادتها، يستلزم الرد، ما دفع أمريكا إلى تعزيز قوتها في المنطقة والدفع بسفن حربية وحاملات طائرات، بالإضافة إلى المزيد من مدمرات الدفاع الجوي والطرادات وأنظمة الدفاع الجوي البرية، كما أمرت وزارة الدفاع الأميركية بإرسال غواصة نووية مزودة بصواريخ كروز إلى المنطقة، وكل ذلك يشكل رسالة دعم للكيان الصهيوني ونوايا في التدخل في حال نشوب الحرب الشاملة في المنطقة.
ومع كل الأرق الذي ينتاب “إسرائيل” من مكان وزمان الرد الإيراني تواصل آلة الكيان الهمجية ارتكاب المجازر في غزة، وسط مقاومة كبيرة من أهلها وعناصر مقاومتها العسكرية في الميدان، كما تستمر التوترات في جنوب لبنان بالشمال مع تحول الصراع المنخفض المستوى بين حزب الله اللبناني المقاوم وكيان “إسرائيل” مراراً وتكراراً إلى هجمات صاروخية وجوية.
الكيان الصهيوني يخاف من فكرة الحرب الإقليمية لكنه يرتكب الحماقة تلو الأخرى التي تمهد لإشعالها وفي الآونة الأخيرة، اغتالت أحد كبار القادة العسكريين في حزب الله الشهيد فؤاد شكر، رغم تصريحات قادة “إسرائيل” بعدم رغبتهم في الدخول بحرب شاملة مع الحزب اللبناني الذي يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ لاقدرة على أنظمة الدفاع الجوي الصهيونية على إيقافها.
الكيان الصهيوني خبيث ويريد لو تسنح له الفرصة أن يدمر البنى التحية لكل الدول التي تقاومه في المنطقة كما هي الحال في لبنان وسوريا وفلسطين، عبر تنفيذ غارات جوية مكثفة، لكن الواقع اليوم مختلف عن الأمس وسيكون وبالاً على الكيان لو فكر في هذا العمل مجدداً كما فعله من قبل في لبنان، وله في غزة عبرة وما ستفعله المقاومة في لبنان بالعدو سيكون أقسى بآلاف المرات مما فعلته المقاومة في غزة ضد الاحتلال.
وعلى الكيان أن يعيد حساباته في كل يوم، فأمريكا الداعمة له تواجه ضربات متفاوتة في المنطقة من قبل قوات الحشد الشعبي في العراق ومن القوات المسلحة اليمنية، ولن يكون بمقدورها حماية الكيان طوال الوقت ورد الصواريخ الكثيفة التي قد تنهمر على المستوطنات كحبات البرد.
ما يجري في البحر الأحمر، من مواجهات بين أمريكا والقوات المسلحة اليمنية، درس من دروس المقاومة ودعم غزة وجميع حركات المقاومة على جبهة الصراع العربي الصهيوني وهناك يتم استهداف السفن الإسرائيلية، أو التي تصل إلى “إسرائيل” وكذا السفن الأمريكية والبريطانية الداعمين للكيان الصهيوني في حربه على فلسطين المحتلة، حيث تشارك الولايات المتحدة بشكل كبير في هذا من خلال دعمها العسكري القوي لإسرائيل، كما يشارك العديد من حلفائها الغربيين الآخرين، وأبرزهم بريطانيا في تقديم الدعم.
وبعد مرور أسبوعين على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، في طهران، أصبحت “إسرائيل” تنتظر الرد الإيراني وهي مشوشة وخائفة، وعلى الرغم من أن المسؤولين في “إسرائيل” يستعدون لرد إيراني مباشر، فإنهم يمنون النفس إلى حد ما أن يكون رداً لا يقود إلى مواجهة مباشرة أو حرب شاملة، وينسحب ذلك على الرد المنتظر من حزب الله على اغتيال “إسرائيل” الشهيد فؤاد شكر، القائد العسكري في الحزب اللبناني، قبل يوم واحد من اغتيال هنية.
ومع تأكيد إيران وحزب الله أن الرد آتٍ لا محالة، تروج معلومات في “إسرائيل” أنه قد لا يحدث إذا تم التوصل إلى اتفاق مع “حماس” على وقف الحرب في غزة في مفاوضات، الخميس، المرتقبة.
ورغم ذلك، رفعت “إسرائيل” حالة التأهب منذ يوم الاثنين الفائت، ولوحظ تحليق مكثف للطائرات المروحية الإسرائيلية عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان، واستنفار كبير للقوات البرية الموجودة على طول الحدود، وأعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أن “إسرائيل” عززت دفاعاتها، ووضعت ما أسماها “خيارات هجومية” استعداداً للوضع الذي “تتجسد فيه التهديدات الصادرة عن طهران وبيروت”.
وعلى الاحتلال أن يتذكر جيداً هذه الأرقام والإحصائيات بأن حزب الله المقاوم في لبنان نفذ (2500) عملية عسكرية خلال 300 يوم من العمليات، منها (1328) استهدافاً لمواقع حدودية، و(422) لمستوطنات، و(198) لنقاط عسكرية، بالإضافة إلى استهداف (59) مسيرات وطائرات للعدو، و(391) ثكنة عسكرية و(102) قواعد عسكرية.
وعلى الكيان يستوعب كيف أن المقاومة استخدمت خلال عمليات الإستهداف (485) رماية بالمدفعية، و(914) رماية بصواريخ أرض- أرض، و(88) بسلاح دفاع جوي، و(148) بسلاح جو، و(742) بصواريخ موجهة، و(178) رماية بأسلحة مباشرة، و(25) بسلاح الهندسة.
وعلى الاحتلال أن يحسب أن معدل العمليات خلال اليوم الواحد بلغ (9) عمليات، في حين أن خسائر الاحتلال البشرية بلغت أكثر من (2000) شخص بين قتيل وجريح.
وعليه أن يدقق في أن خسائره بلغت (125) آلية عسكرية، و(182) مركزاً قيادياً، و(663) دشمة وتحصينات، و(450) تجهيزات فنية، و(1050) وحدة استيطانية، بالإضافة إلى (4) مصانع عسكرية، و(61) مربضاً للمدفعية، و(12) منصات قبة حديدة، و(2) منطاد تجسس، و(8) طائرات مسيرة و(825) تموضع أفراد.
وعلى صعيد جبهة العدو الداخلية، فقد بلغ شعاع المنطقة المستهدفة (5) كلم، في حين أن عدد المستوطنات المخلاة بلغت (43)، أما عدد المستوطنين النازحين فقد بلغ (230) ألف، أما عمق الاستهداف فقد بلغ (35) كلم، وفق إحصاء الإعلام الحربي لحزب الله، وفي ذلك عبرة بليغة للكيان وعليه أن يفكر ألف مرة ويحسب ألف حساب قبل أن يقوم بأية مغامرة ستكلفه الخسائر الكبيرة والجرح العميق.