مع قرب انطلاق العام الدراسي تشهد أسعار مستلزمات الطلاب من قرطاسية وملابس ارتفاعاً كبيراً، إذ لم يعد مبلغ المليون ليرة سورية كافيا لتأمين مستلزمات طالب واحد، فما هو سبب هذا الارتفاع الجنوني، وكيف سيتدبر الأهالي أمورهم، ولا سيما أن راتب الموظف لا يكفي لشراء حقيبة مدرسية، وماذا عن الأسرة التي لديها ثلاثة أبناء أو أكثر في المدارس.
وفي جولة لمراسل شبكة “داما بوست” على سوقي العصرونية والحلبوني بدمشق رصدنا أسعار مستلزمات المدارس التي سجلت مستويات قياسية لا تتناسب ودخل المواطن وتحديداً الموظف، حيث بلغ سعر الدفتر العادي 15 ألف ليرة، ودفتر السلك 20 ألف ليرة، والقلم 4 آلاف، والمقلمة 20 ألف بالحد الأدنى وقد تصل إلى 60 ألف، في حين بلغ سعر علبة الألوان 35 ألف ليرة، وإذا كان عدد أقلامها أكثر وحجمها أكبر فيمكن أن يتضاعف المبلغ، أما في سوق الخجا فيصاب المرء بالصدمة لدى مشاهدته أسعار الحقائب المدرسية التي تبدأ بـ 200 ألف وقد تصل إلى نصف مليون ليرة بالنسبة لحقائب المرحلة الثانية في التعليم الأساسي والمرحلة الثانوية.
استوقفنا في العصرونية أبو محمود وهو والد لطالبين، وحال معرفته بأننا نعمل في الإعلام سارع للقول: “الأسعار دبحتنا.. مو معقول الشي اللي عم يصير.. التجار ما عندن رحمة ولا بيحسوا بحدى.. شو فيني أعمل.. ما عندي غير راتبي أنا وزوجتي.. كيف بدي أمّن متطلبات هالطفلين.. وكيف بدي عيش لآخر الشهر إذا جازفت ودفعت الراتبين. “
إحدى السيدات كانت تقف قبالة مكتبة قريبة وتسأل الخارج منها عن الأسعار بينت أن المبالغ صادمة، وأنها لن تقدم على شراء أي شيء حاليا، وقالت: لسا في شهر لفتح المدارس ولهداك اليوم تكون الناس تبضعت، والتجار حققت المرابح اللي بدها ياها.. رح أنتظر على أمل تنزل الأسعار.. وإذا ما صار هالشي رح أضطر طلع قرض أو سلفة على راتبي.
وفي سوق الخجا وبعد أن صعق أبو خالد وزوجته بأسعار الحقائب المعروضة قررا شراء حقائب مستعملة، إذ لديهما أربعة أطفال في مرحلتي التعليم الأساسي، يقول أبو خالد والأسى يملأ عينيه: نحن كيلو بطاطا مو قادرين نشتريه.. كيف رح نقدر نشتري 4 شناتي.. شناتي السنة الماضية اهتروا لأنو شي كان من سنة قبل، وشي اشتريناه من نوع تجاري ما ضل مع الأولاد لآخر السنة.. ولسا في الصداري والبناطيل والقمصان والأحذية وغيرو.. شو الحل.. ما في حل..
استغربنا تجمع عدد من الطلاب والأهالي أمام مكتبة في الحلبوني، ولدى الاستفسار عن السبب تبين أن هناك عرضاً على الأسعار بنسبة 10 بالمئة.. اقتربنا من إحدى السيدات وسألناها هل المستلزمات التي اشترتها جيدة فكان جوابها: لا.. لكنني مضطرة لشرائها لأني أعتمد على راتبي فقط بعد وفاة زوجي، لدي طفل في الصف الرابع أحاول جهدي أن أؤمن احتياجاته بالحد الأدنى.
أبو واصل تاجر في الحلبوني برر الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات المدارس بغلاء المواد من مصدرها إضافة إلى تكاليف الشحن ورسوم الجمارك وغيرها، وقال: كل ما يشاع أننا نحقق أرباحا خيالية غير دقيق.. نحن كمان متل باقي الناس عنا أسر والتزامات.. مو معقول نبيع بخسارة.. هيك الكل بيسكر محلو أو مكتبتو..
أسعار المستلزمات المدرسية ارتفعت حوالي 100% عن العام الماضي
وفي تصريح لشبكة “داما بوست”، أشار الخبير الاقتصادي وأمين سر جمعية حماية المستهلك المهندس عبد الرزاق حبزه إلى أن المواطن يعاني في مطلع كل عام دراسي مع المستلزمات المدرسية من أقلام ودفاتر وغيرها، حيث ترتفع أسعارها بشكل كبير لا يتناسب مع دخل المواطن، إضافة إلى اللباس المدرسي والحقائب والأحذية التي تسجل هي الأخرى أرقاما غير منطقية على الإطلاق.
وأوضح حبزه أن الجمعية لاحظت من خلال جولاتها على الأسواق أن هناك ارتفاع في أسعار المستلزمات المدرسية بحوالي 100% عن العام الماضي، لافتاً إلى أنه بإجراء حسبة بسيطة لطالب في التعليم الأساسي فإن تكلفة تأمين ما يحتاجه تتجاوز المليون ليرة، بين لباس لعام دراسي وقرطاسية تكفي فصلا واحدا، أي أنه سيضطر في الفصل الثاني لشراء دفعة ثانية من القرطاسية، وبالتأكيد ستكون بأسعار أعلى من أسعارها الحالية.