من رحم المعاناة يولد الإبداع، ليست عبارة شكلية تستخدم في وصف الأفكار الخلاّقة، بل حقيقة يجسدها كثيرون من شبان وشابات سوريين، إما تمردوا على واقعهم\ن أو اختاروا طرقات مغايرة لمساراتهم الاعتيادية، في سبيل تأمين الاحتياجات وتعويض النقص والفاقد في ظل ظروف تبدو الأقسى منذ سنوات طويلة.
وعلى هذا الأساس وجد كثيرون أنفسهم مجبرين على إيجاد البديل الذي يمكنهم من الاستمرار، ينطبق الأمر على الشابة “نايا ديوب” خريجة كلية طلب الأسنان، التي وجدت ضالتها بالأعمال اليدوية، التي تساعدها على تحمل أعباء الحياة واصفة العمل فيها بالمثل الشعبي.. “جارية ماشية أحسن من نهر مقطوع”.
وتمارس “نايا” مهنة غير اعتيادية، فالحل لتأمين دخل إضافي كان بالنسبة لها هو صناعة الشموع والصابون المعطر بطريقة يدوية، وتروي لـ “داما بوست” قصتها منذ البداية.. “ممارستي لنحت الأسنان من الشموع خلال سنوات دراستي دفعني للتفكير في البدء بتصنيع الصابون المعطر وإضافة الفيتامينات له، ثم الترويج لمشروعي الصغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
الأفكار الخلاّقة في مواجهة التحديات:
تشرح طبيبة الأسنان لـ “داما بوست” أسباب اندفاعها نحو البدء بمشروعها الخاص هذا قائلةً إن.. “قلة فرص العمل في مجال طب الأسنان وحاجتها لإكمال دراستها التخصصية في الجامعة جعلت الخيارات أمامها قليلة، ما دفعها للتفكير، ثم الاستقرار على فكرة الأعمال اليدوية التي تضيف لمسة من الجمال للحياة وتمنحها الفرصة لممارسة عمل تحبه وتبدع فيه”.
وحول قدرة مشروعها الذي سمّته “وابي سابي” على تأمين مبلغ مادي يساعدها على افتتاح عيادتها الخاصة لطب الأسنان قالت “نايا”.. إن “مردود المشروع لا يكفي لافتتاح عيادة وأنها تستعين به لاستكمال دراستها في الجامعة فقط ويتوقف العمل به خلال فترة الامتحانات، متمنية لو أن المردود المادي من المشروع أكبر لتتفرغ أكثر لفرعها الجامعي ودراستها” وتذكر “نايا” أن زميلتها صاحبة موهبة في تشكيل “الصلصال” انضمت إليها في المشروع، حيث تعملان سويةً على صنع الشمع وتشكيل الأواني الفخارية لوضع المنتجات فيها.
“وابي سابي”.. فلسفة يابانية
وعن اختيارها اسم “وابي سابي” للمشروع أوضحت الشابة السورية أن الاسم يعود لفلسفة يابانية قديمة تقوم على إيجاد الجمال في أبسط الأشياء ووسط أزمات وصعوبات الحياة مما يضيف شعوراً جميلاً للبشر، وكمثال عنه فإن الأمر يشبه سماعك لأغنيتك المفضلة خلال سيرك بين ازدحام السيارات وضجيج المدن، أو رؤيتك لزهرة جميلة وسط أرض جافة.