ما بين ارتفاع الجمركة وتأثره بسعر الصرف.. تكلفة شراء أبسط هاتف متطور تزيد عن 2 مليون
داما بوست _ عمار ابراهيم
كانت الموبايلات في سوريا من بين إحدى أكثر السلع تأثراً بـ ارتفاع سعر الصرف وتدهور قيمة الليرة، بالإضافة إلى عوامل أخرى ساهمت بوصول تكلفة شرائها إلى أرقام قياسية غير مسبوقة يضاهي بعضها سعر شقة على الهيكل في بعض المحافظات.
فكان “الدولار الأمريكي” وتذبذب سعر صرفه يومياً العامل الرئيسي في ارتفاع قيمة الموبايل، ما جعله حلماً بعيد المنال لشريحة كبيرة من السكان في مختلف المحافظات، حتى إن نسبة كبيرة منهم ظلت محافظة على أجهزتها القديمة منذ عشر سنوات وما يزيد.
وقال رائد وهو أحد أصحاب المحال التجارية في مدينة حمص لشبكة “داما بوست” إن: “سعر أي موبايل أصبح يحسب بالعملة الصعبة ما يؤدي إلى تغير السعر يومياً، وغالباً ما يكون باتجاه الارتفاع أو الثبات، وذلك بحسب أهواء التجار الذين يقومون بإدخاله بطريقتهم الخاصة”.
وتحدث رائد عن أسباب ارتفاع أسعار الموبايلات المجمركة قائلاً إن: “أولها الجمركة التي دفعت معظم السكان للبحث عن طرق للتهرب من دفعها، إذ أنه من غير المعقول دفع مليون ليرة قيمة جمركة لجهاز يبلغ سعره مليوني ليرة، وهو ما ساهم بتنشيط حركة تهريب الموبايلات نتيجة زيادة الطلب عليها في ظل محدودية دخل السكان”.
وأضاف بأن: “نسبة كبيرة من السكان باتت تعتمد على جهاز قديم لإجراء المكالمات بينما تشتري جهاز آخر غير مجمرك لتصفح الانترنت عبر شبكة الـ “واي فاي”، ولذلك بات شائعاً أن ترى الشباب يحملون جهازين معاً معظم الاحيان”.
وبين التاجر أن: “أرخص أنواع الموبايلات غير المجمركة حالياً هي من إصدارات شركة تيكنو وانفنكس، وتبدأ من مليون و300 ألف وتبلغ الضعف للمجمركة، وتزيد في الشركات الاخرى مثل سامسونج وشاومي، بينما يعد آيفون أغلى تلك الأجهزة التي تصل إلى حوالي 40 مليون لبعضها مثل 15 برو.
من جهته، استغرب دانيال (موظف) ارتفاع قيمة الجمركة التي نسبة تزيد عن نصف قيمة أي موبايل وتصل 60٪ من إجمالي سعره مع زيادة النسبة دون أي تصريح رسمي من الشركة، إذ تفاجأت أثناء ذهابي لجمركة جهازي (انفنكس سمارت 7) بارتفاع رسومها من 400 الف إلى 700 ألف ليرة.
أما رنيم (طالبة في كلية التربية بجامعة البعث) لفتت خلال حديثها لشبكة “داما بوست” إلى أن “الدراسة بشكل كبير أصبحت تعتمد على الموبايلات ومجموعات التلغرام وبالتالي أصبح تحديث الجهاز ضرورياً لكن ارتفاع أسعارها غير منطقي ويفوق القدرة المالية ما دفعني لشراء موبايل غير مجمرك لمجرد تصفح الانترنت”.
وعن جمركة الأجهزة واستياء الناس من ارتفاع قيمته، اعتبر الخبير التقني جعفر بدران خلال حديثه لشبكة “داما بوست” أن “القرار الصادر صحيح 100%، فأي دولة في العالم تحرص من خلال جمركة أي جهاز على الحفاظ على أمنها أولاً، ورفد اقتصادها ثانياً، كما تهدف لحماية أمنها من دخول أي قطعة لأهداف تجسسية”.
وأضاف “بدران”: “يعاقب المخالف تحت بنود عقوبات الجرائم الإلكترونية التي تعد من أصعب العقوبات كونها لا تشمل بأي عفو، بالإضافة إلى أن كسر إيمي أي جهاز يعرضه لمخاطر كبيرة من حيث عدم تلقي الجهاز على دعم الشركة المصنعة سواء كانت آبل أو سامسونج وغيرها”.
وتابع الخبير التقني: “قد يكون المعرف الجديد للجهاز خاص بجهاز قديم تمت خلاله عملية سرقة أو قتل على سبيل المثال، وبالتالي تصبح أنت المتهم وتعاقب على المخالفتين معاً”.
وتوجه “بدران” بنصيحته بأهمية جمركة الجهاز بشكل نظامي وقانوني تلافياً لوقوع أي مشكلة أمنية ولعدم خسارة دعم الشركة المصنعة، بالإضافة إلى أن كسر إيمي الجهاز يخفض من سعره بالسوق.
وأوضح جعفر أنه: “كتعريف للإيمي فهي رموز لتحديد هوية الجوال لمنع الاحتيال والسرقة، فمن السهل على السارق تغيير شريحة الاتصال لكنه من الصعب تغيير ايمي الجوال، بالإضافة لسهولة تعقب الجوال في حال وقوع حادثة سرقة، كما يمكن منع الجوال من العمل على الشبكة بشكل كلي، والدخول إليه ومعرفة موقعه ونوع وطراز الجوال”.
ولفت الخبير التقني إلى أن: جميع دول العالم تحرص على جمركة أجهزة الاتصالات، مع التنويه إلى إمكانية أي سائح من استخدام جواله لمدة شهر ونصف دون جمركته، والإشارة أخيراً إلى أن ما يعرف بالجمرك البراني مكلف أيضاً ويصل إلى 2 مليون ليرة لبعض الأجهزة”.
يذكر أن سوق الموبايلات المجمركة يشهد ركوداً كبيراً بحسب العديد من أصحاب المحال، ويتراجع بشكل مستمر مع ازدياد تكلفة الجمركة، بينما انتعش سوق غير المجمرك منها عشرات الاضعاف للأسباب المذكورة سابقاً.