داما بوست | تركيا
تصدر ملف ترحيل اللاجئين السوريين خطابات الأتراك من مؤيدين ومعارضين، مع اختلاف حدة اللهجة بين الطرفين، حيث تحاول الحكومة مقابلة انتقادات المعارضة وأحزابها ببعض الحزم والتشدد.
ومع فترة التحضيرات للانتخابات الرئاسية الماضية، رفعت المعارضة التركية الموحّدة شعار “سوف يغادرون” لتستمر إلى انتخابات البلدية المقررة في آذار 2024.
وعليه يحاول رئيس حزب “الظفر” المعارض “أوميت أوزداغ” كسب الأصوات عبر وعود بإجلاء السوريين من البلاد قائلاً.. “صوتوا لحزب الظفر، ففي البلديات التي سنفوز برئاستها، لن نعطي مساعدات للاجئين ولن نسمح لهم بفتح الدكاكين، كما سنفرض عليهم الضرائب ونمنعهم من إزعاج الأتراك في الحدائق والأماكن العامة”.
لم يقف الموضوع هنا بل ترأست قضية اللاجئين أخبار ومقالات طيف واسع من الإعلام المعارض التركي، فمنذ بداية شهر حزيران/ يونيو تم التركيز على إبراز سيئات العدد الهائل من اللاجئين في تركيا، والترويج للمظاهرات الليلية ضدهم، ما أدى إلى تزايد منسوب تعنيف وقمع اللاجئين.
وفي مدينة إزمير الساحلية حيث يتولى حزب “الشعب الجمهوري” المعارض رئاسة البلدية فيها، أزيلت كل اليافطات ولوحات المحال المكتوبة باللغة العربية، أما عن مدينة “ديلوفا” الصناعية شرق اسطنبول، فنُظمت مظاهرات تهدف لإغلاق محال السوريين وطردهم من المدينة، فضلاً عن اشتباكات تدور بين الأتراك والسوريين وتطال حتى الأفغانستانيين.
وطالت الحملات الإعلامية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسياساته “المتعافطة مع اللجوء ضد مصلحة تركيا” وبدلاً من تخفيف الحدة، أمر الأخير بحملة اعتقالات واسعة وصفت بالأكبر منذ سنوات.
واعتقلت الشرطة التركية بداية شهر تموز/ يوليو، آلاف اللاجئين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية أو يقيمون في تركيا دون صفة طالبي لجوء وحماية.
ولأن أردوغان وحزبه يريدان الفوز برئاسة بلديات اسطنبول وأنقرة، سجّلت المدينتان زيادة في عمليات التوقيف بحق اللاجئين السوريين، ليس فقط “المخالفين لقوانين الحماية المؤقتة” بل “مرتكبي المخالفات” أيضاً، ممن يمارسون العمل دون تصاريح، ومن يتنقل بين الولايات التركية دون استصدار إذن السفر.
وعند وصولهم إلى مراكز الاحتجاز يتم إجبارهم على توقيع أوراق ما يسمى بـ “العودة الطوعية” في إجراء مخالف للقانون، يهدف لتنفيذ مخطط إعادة مليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري.
وإثر تبدل السياسات الداخلية، صار نحو 3.6 مليون لاجئ كبش فداء للسلطات التركية، يعيشون تحت ضغط مزاجيتها واتهاماتها، وبحسب مقال نشرته “نيويورك تايمز” فهم مسؤولون عن الهزات الأرضية، والغش في الانتخابات، وتخفيض مرتبات الطبقة العاملة ورفع أجور السيارات، فضلاً عن أنهم وراء أخذهم رواتب دون عمل.
ورداً على الاتهامات الموجهة للسوريين، فشهد شاهد من أهله، رئيس غرفة صناعة أنقرة “سيد أردج” يقول.. “إن العمال السوريين يشكلون نسبة كبيرة في العديد من مناطق تركيا، وإذا تمت إعادتهم إلى بلادهم، ستواجه صناعة تركيا تحديات كبيرة، مطالباً بإنشاء وزارة للهجرة لتنظيم ودعم العمال السوريين في البلاد”.
وتلتف تركيا على القانون الدولي، فحسب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي منحت على ضوئه مليارات الدولارات مقابل إبقاء السوريين تحت بند الحماية المؤقتة، لا يسمح لها بإعادتهم إلى بلادهم، قبل موافقة الاتحاد الأوروبي واعتراف مجلس الأمن بأن سوريا أصبحت منطقة آمنة، ومن حملة انتخابية إلى أخرى يبقي مصير مجهول في انتظار اللاجئين السوريين ليتنفسوا الصّعداء من جديد.