الخضار الصيفية.. وفرة تُغرق الأسواق وتُفقر المزارعين

في مشهد يختصر المفارقة بين وفرة الإنتاج وضيق السوق، تعاني الخضار الصيفية في محافظة درعا من تراجع حاد في الأسعار، وسط تدفق مستمر للشاحنات نحو أسواق المحافظة ودمشق، وحركة نشطة للسيارات الجوالة التي تسعى لتصريف الفائض بأي ثمن، في موسم باتت فيه النعمة للمستهلك نقمة على المزارع.

ورغم ما يبدو من انتعاش في العرض وتنوّع في الأصناف، فإن الواقع الميداني يكشف قلقاً متصاعداً بين المزارعين، الذين يؤكدون لصحيفة “الحرية” السورية أن الأسعار الحالية لا تغطي تكاليف الإنتاج، ناهيك عن تحقيق أرباح.

“نبيع بأقل من التكلفة”

يقول المزارع “نايف عبد الرحيم” إن سعر كيلو الخيار أو الكوسا من النوع الأول لا يتجاوز 1500 ليرة سورية عند البيع من أرض المزرعة، بينما تتخطى تكلفة إنتاجه هذا الرقم، مؤكدًا أن المزارع بات الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج، في وقت يقتنص فيه التجار الأرباح دون عناء.

ويضيف أن كثيراً من المزارعين جهزوا مواسمهم حين كان سعر الدولار يتجاوز 15 ألف ليرة، واشتروا المستلزمات بأسعار مرتفعة، ما يجعل الحديث عن تحسن قيمة الليرة أو مقارنات موسمية غير منصفة في تقدير الخسائر.

استيراد متوقف.. وأسواق راكدة

قرار وزارة الاقتصاد بوقف استيراد بعض أصناف الخضار لاقى ترحيباً مشروطاً من المزارعين، الذين رأوا فيه خطوة غير كافية ما لم تترافق مع فتح منافذ تصدير حقيقية. المزارع خالد الرمان يرى أن وقف الاستيراد جاء في توقيت مناسب، لكنه يطالب بتسويق الفائض خارجياً، خاصة أن السوق المحلي يغصّ بالإنتاج، ولا سيما مع اقتراب قطاف موسمي البطاطا والبندورة المتوقع أن يتجاوز إنتاجهما 360 ألف طن.

التصدير يتحرك.. ولكن!

بحسب بيانات حديثة، ارتفعت حركة الشحن المبرد للخضار والفواكه إلى نحو 44 براداً يومياً، تُصدر عبر معبر نصيب إلى دول الخليج، محمّلة بمحاصيل موسمية كالكرز والمشمش والدراق والبطاطا والبندورة. لكن مع ذلك، يبقى الفائض المحلي كبيراً، والتأثير على الأسعار محدوداً.

المعادلة المختلّة.. من يعيد توازنها؟

يؤكد مختصون زراعيون أن المشكلة الأساسية تكمن في فوضى التخطيط الزراعي، وغياب قاعدة بيانات تنظم الإنتاج بما يتناسب مع حاجة السوق والتصدير والتصنيع ويرون أن الحل يبدأ بـضبط المساحات المزروعة، وربطها بالاحتياج الفعلي والمائي، مع إعطاء الأولوية لإدارة ذكية للإنتاج والتسويق تحمي المزارع وتؤمن استقرار السوق.

وفي ظل غياب هذا التوازن، تبقى الخضار الصيفية في متناول الجميع بأسعار مغرية، لكنها تُباع على حساب المزارعين الذين يخسرون اليوم كي يزرعوا غداً.

 

اقرأ أيضاً: مكافأة إضافية للفلاحين لتسويق القمح بسعر يتجاوز 450 دولاراً للطن

اقرأ أيضاً: التبادل التجاري بين الأردن وسوريا: قفزة في الصادرات واستئناف تدريجي للاستيراد

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.