تعليق مؤقت لعقوبات “قيصر”.. واشنطن تفتح الباب أمام صفقة سياسية جديدة بشأن سوريا
داما بوست -خاص
عادت الولايات المتحدة الأمريكية لتعلن تعليق عقوبات قانون “قيصر” المفروض على سوريا لمدة 180 يومًا، في خطوة أثارت تساؤلات حول نوايا واشنطن المستقبلية، وما إذا كان هذا التعليق مقدمة لإلغاء القانون نهائيًا أم مجرد استراحة سياسية مؤقتة ضمن حسابات أوسع تتعلق بالملف السوري.
تعليق لا يطمئن المستثمرين:
رغم الترحيب الذي قوبل به القرار في بعض الأوساط الاقتصادية، إلا أن خبراء يؤكدون أن التعليق المؤقت لا يشجع المستثمرين على ضخ أموالهم في السوق السورية، خشية عدم تمديد القرار أو التراجع عنه في أي لحظة.
ويرى مراقبون أن استمرار حالة “اللايقين” بشأن مستقبل العقوبات يعرقل أي إمكانية حقيقية لتحريك عجلة الاقتصاد السوري أو جذب رؤوس أموال خارجية، خاصة أن البنية القانونية لقانون “قيصر” ما تزال قائمة ولم تُلغَ رسميًا بعد.
إلغاء القانون بيد الكونغرس:
إلغاء قانون قيصر بشكل كامل يحتاج إلى موافقة الكونغرس الأمريكي، ما يجعل القرار بيد شخصيات مؤثرة في المؤسسة التشريعية، أبرزهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والنائب الجمهوري براين ماست، وكلاهما معروفان بعلاقاتهما الوثيقة مع “إسرائيل” ودعمهما القوي لمصالحها في المنطقة.
براين ماست.. نائب “إسرائيلي الهوى”:
يشغل براين ماست منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، ويُعرف بمواقفه المتشددة تجاه سوريا وإيران والفلسطينيين.
في عام 2015، تطوع ماست في “الجيش الإسرائيلي” لفترة قصيرة، وهو ما عزز صورته كأحد أكثر النواب الأمريكيين قربًا من “إسرائيل”.
كما أثار جدلاً واسعًا حين قال عن الأطفال الفلسطينيين الشهداء في غزة: “هؤلاء ليسوا مدنيين فلسطينيين أبرياء.”
هذا التصريح، إلى جانب مواقفه المؤيدة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، جعل منه صوتًا صلبًا داخل الكونغرس ضد أي سياسات أمريكية لا تتماشى مع الرؤية الإسرائيلية في الشرق الأوسط.
مواقف متشددة تجاه سوريا:
إلى جانب دعمه لـ “إسرائيل”، يُعرف ماست أيضًا بمواقفه الداعمة للأكراد في سوريا، إذ أيّد فكرة إنشاء كيان كردي مستقل شمال البلاد، معتبرًا ذلك “اعترافًا معنويًا بدورهم في هزيمة تنظيم داعش”.
ويرى ماست أن رفع العقوبات عن سوريا دون ضمانات سياسية وأمنية واضحة سيكون “خطأً استراتيجيًا فادحًا”، وهو ما يعكس تشدده في ملف دمشق ورفضه لأي تنازلات مجانية.
غراهام وماست.. مفاتيح إلغاء العقوبات:
السيناتور ليندسي غراهام، المعروف هو الآخر بدعمه الواسع لـ “إسرائيل”، يشترك مع ماست في الموقف ذاته، ويُعتبر من أبرز المدافعين عن الإبقاء على قانون قيصر كأداة ضغط سياسية على الحكومة السورية.
وبذلك، فإن مستقبل العقوبات الأمريكية على سوريا بات فعليًا بأيدي هذين السياسيين المقربين من “تل أبيب”، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حقيقية حول الدور الإسرائيلي في توجيه السياسة الأمريكية تجاه دمشق.
سوريا بين الانتظار والتنازلات:
في ضوء هذه التطورات، يرى مراقبون أن تعليق العقوبات لمدة 180 يومًا لا يعني تغييرًا جذريًا في الموقف الأمريكي، بل ربما يشكل إشارة سياسية مشروطة بمدى تجاوب دمشق مع متطلبات محددة.
هل ستشهد الفترة المقبلة إلغاءً فعليًا لقانون قيصر؟
تشير المعطيات إلى واشنطن تتعامل مع دمشق بناء على رغبات “إسرائيل”، خاصة في ظل عدم توقيع اتفاق أمني بين سوريا و”إسرائيل”، فهل ستكون سوريا مطالبة بتقديم مزيد من التنازلات السياسية إرضاءً لـ “إسرائيل” قبل أن تُرفع العقوبات عنها نهائيًا؟
إقرأ أيضاً: زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن: لقاء مغلق مع ترامب وتعليق مؤقت للعقوبات دون تغيير في الموقف الأميركي
إقرأ أيضاً: التايمز تكشف عن إفلات قتلة مدنيي الساحل السوري من العقاب رغم الأدلة الموثقة