داما بوست- خاص| تتصاعد وتيرة الانتهاكات والتعديات من قبل مسلحي فصائل أنقرة بحق المدنيين القاطنين في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، بغية تحقيق أكبر قدر من المكاسب المالية، والتضييق بشكل أكبر على أهالي المنطقة الذين رفضوا الخروج منها إبان سيطرة الاحتلال التركي عليها مطلع العام 2018.
ومع دخول موسم قطاف وجني ثمار الزيتون التي تشتهر بها منطقة عفرين منذ عقود طويلة، سارع مسلحو أنقرة إلى استغلال الموسم بما يحقق لهم أكبر قدر من المكاسب المالية، والبداية كانت وفق ما نقلته مصادر محلية من عفرين لشبكة “داما بوست”، مع فرض ضرائب مالية باهظة على الأراضي المزروعة بالزيتون بحسب عدد الأشجار المزروعة فيها، على أن يُحرم المزارع من جني محاصيله في حال رفضه دفع تلك الضرائب.
وذكرت المصادر في حديثها، أن قيمة الضرائب المفروضة على المواطنين تباينت بين منطقة وأخرى بحسب الفصيل الذي يفرض نفوذه عليها، حيث بلغت قيمة الضريبة “الإتاوة” التي فرضها مسلحو “العمشات” على أصحاب الأراضي في مناطق سيطرتهم بناحيتي “معبطلي” و”شيخ الحديد”، 6 دولارات أمريكية عن كل شجرة زيتون مقابل السماح بقطف ثمارها، بينما تراوحت قيم الضرائب في باقي المناطق ما بين 3 إلى 5 دولارات عن كل شجرة زيتون مثمرة.
ولم تتوقف ممارسات مسلحي أنقرة عند فرض “الإتاوات”، بل امتدت أيضاً إلى حد إجبار المزارعين على نقل إنتاج أراضيهم إلى معاصر محددة للحصول على زيت الزيتون، تعود ملكيتها إلى قياديين بارزين في الفصائل، وتتقاضى أجوراً مضاعفة لقاء عصر الزيتون مقارنة بالمعاصر الأخرى، فيما تكفل عدد من مخاتير القرى المعروفين بولائهم لتلك الفصائل، بمراقبة عمليات القطاف والنقل إلى المعاصر المحددة، والإبلاغ عن كل من يخالف التعليمات.
اليومان الماضيان حملا في جعبتهما تعديات جديدة من قياديي فصائل أنقرة على حقوق الأهالي، بحسب ما أفادت به مصادر “داما بوست”، حيث قالت المصادر إن مسلحي الفصائل أبلغوا أصحاب الأراضي بوجوب تسويق إنتاج أراضيهم من الزيتون والزيت لصالح تجار محددين من قبلهم، وهددوا كل من يخالف الأوامر الجديدة بعقوبات تبدأ بغرامات مالية وتمتد إلى حجز الأرض بالكامل، وقد تصل إلى حد الحبس في حال تكرار المخالفة.
وأشارت المصادر إلى أن التجار الذين حدد مسلحو أنقرة التعامل معهم، معروفون لدى أهالي المنطقة بالغش ودفع مقابل مادي بخس مقارنة مع باقي التجار، موضحةً أنهم يشترون “تنكة” زيت الزيتون نوع أول من الأهالي بسعر لا يتجاوز 50 دولار أمريكي، بينما يتراوح سعرها الحقيقي الذي يدفعه التجار الآخرون ما بين 65 إلى 70 دولار.
اقرأ أيضاً: أوقع إصابات بين المدنيين.. مقتل وإصابة 20 من مسلحي أنقرة جراء صراع دموي في عفرين
وفي ظل التهديد والوعيد الذي يتعرضون له على أيدي قياديي فصائل أنقرة، يضطر الأهالي في عفرين إلى الالتزام بكافة التعليمات الصادرة عن الفصائل، خوفاً من تلقيهم مصير من خالفوا تلك التعليمات في السنوات الماضية، والتي شهدت العديد من حملات الاعتقال والتعذيب ومصادرة الأراضي بحق أصحاب الأراضي الذين كانوا رفضوا الانصياع لأوامر المسلحين آنذاك.
ويعد الزيتون والزيت المنتج منه، وسيلة الرزق الرئيسية لأهالي منطقة عفرين، حيث تشتهر المنطقة بغناها وكثرة عدد أشجار الزيتون المزروعة في أراضيها، والذي يصل إلى ملايين الأشجار المثمرة والمعمرة منذ عشرات السنين، في ظل تربتها الخصبة ومناخها المثالي لزراعة أشجار الزيتون، إلا أن ممارسات الفصائل واعتداءاتهم المستمرة على أراضي الأهالي، أثرت بشكل كبير على كميات الإنتاج ونوعية الزيت المستخرج من معظم معاصر المنطقة.