داما بوست- علي محمود سليمان| طالبت وزيرة الاقتصاد السابقة والخبيرة الدكتورة لمياء عاصي إلى تأسيس صندوق استثماري حكومي، كصندوق ثروة سيادي، بحيث يقوم هذا الصندوق بدور هام في عملية الإصلاح الاقتصادي، داعية إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.
عاصي ناقشت يوم أمس بنود خطتها للإصلاح الاقتصادي في المركز الثقافي العربي – أبو رمانة، ضمن المحاضرة التي أقامتها جمعية أصدقاء دمشق تحت عنوان محاضرة بعنوان “خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي في سورية”.
ومن ضمن التوصيات التي تقدمت بها عاصي، ضرورة إعادة الهيكلة للقطاع العام (المؤسسات المملوكة للدولة)، بشرط أن يرافق ذلك إنشاء خلية حكومية تتولى مراقبة وتقييم جميع الملفات والمشاريع التي هي قيد الإنجاز، ضمن أفق زمني محدد مع مراجعة الآليات المعتمدة بشكل دوري.
على أن تقوم هذه الخلية الحكومية بقياس مؤشرات أداء المؤسسات قبل وبعد إعادة هيكلتها، ولفتت عاصي إلى أنن إعادة الهيكلة للقطاع العام أمر هام وضروري ولكن يجب عدم التسرع في تنفيذ هذه الخطة، حيث يجب اعتماد التنويع في الأليات المستخدمة حسب ظروف كل شركة، وعدم الاعتماد على آلية واحدة في إعادة الهيكلة.
ومن ضمن خطوات الإصلاح رأت الوزيرة السابقة ضرورة تحسين المناخ الاستثماري، والإداري والقضائي، والذي يشتمل على سهولة إجراءات الاستثمار، على أن تتم معالجة مواضيع البيروقراطية وتخفيض الزمن اللازم لتأسيس الأعمال، وتحسين تنافسية الاقتصاد.
كما شددت عاصي على أهمية العمل على التقليل من مؤشرات الفساد، مع الحفاظ على حقوق العمال في الشركات العامة التي تخضع لإعادة الهيكلة، مبينة بأنه يمكن للحكومة الاشتراط على القطاع الخاص أن يتولى إدارة الشركة، ونقل التكنولوجيا والقيام بالتدريب وتنمية وتحفيز الموارد البشرية المحلية، لتستطيع إدارة وتسيير هذه المشاريع مستقبلاً.
الدكتورة لمياء عاصي تحدثه بأنه حتى تتحقق الإصلاحات بما تعد به من رفع لمعدل النمو وتحسن في المستوى المعيشي لعموم المواطنين، لا بد من ضمان حد معقول من العدالة الاجتماعية، وإعادة الطبقة الوسطى التي اختفت منذ ما يقارب عقد من الزمان.
كما يجب تعزيز وتمكين شبكات الأمان الاجتماعي، وتعزيز وتمكين مجالس ومؤسسات الإدارة المحلية.
نقاط الضعف التراكمية
وزيرة الاقتصاد السابقة أشارت في محاضرتها إلى أهم نقاط الضعف التي مر بها الاقتصاد السوري خلال الفترة من 2005 إلى 2024، والتي شكلت أهم ملامح الاقتصاد السوري الحالي.
المرحلة الأولى: أهم أحداث الاقتصاد السوري من 2005 – 2011
1-الجفاف الذي ضرب المناطق الشرقية والشمالية خلال الأعوام 2006، 2009، والذي ترافق مع أول خطوات الحكومة لتحرير المشتقات البترولية، وقد سبب هجرة حوالي 1,5 مليون عامل من قراهم الى المدن لإيجاد عمل.
2- الثاني: تبني الحكومة السورية لاقتصاد السوق الاجتماعي واعتماد الخطة الخمسية العاشرة للتحول الى النهج الاقتصادي الجديد، بشكل مجتزأ ومشوه اقتصر على التحرير التجاري الواسع.
3- توقيع اتفاقية تجارة حرة مع تركيا (2007) التي كانت مجحفة جداً بحق سورية، الأمر الذي فاقم الوضع من حيث تعاظم المستوردات من تركيا، ولم يستطع المنتج السوري منافسة المنتج التركي مما سبب إغلاق آلاف المعامل الصغيرة والورش، هذا رفع مستوى البطالة بدل تخفيضها حسب وعود الخطة الخمسية العاشرة وأنها صممت بشكل أساسي لمعالجة موضوع الفقر والبطالة.
المرحلة الثانية: وهي فترة الحرب الممتدة ما بين 2012 – 2019
1-خروج الرساميل الوطنية من سورية الى دول مثل الإمارات، الأردن، مصر وتركيا.
2-انتهجت الحكومة والسلطة النقدية سياسة ” الدفاع عن سعر الصرف “، حتى لو كان على حساب سياسات التحوط للحفاظ على الاحتياطيات في المصرف المركزي من العملات الأجنبية، مثل:
قيام البنك المركزي في عام 2011 ببيع مبلغ عشرة آلاف دولار.
قيام البنك المركزي بضخ الدولار من خلال “جلسات التدخل ” في الفترة من 2012 إلى 2016.
قيام البنك المركزي بتمويل المستوردات بالسعر الرسمي لسعر الصرف، الذي هو أقل من سعر السوق الموازي.
3-تعليق منح القروض بشكل كامل بين عامي 2012 -2017، وآثاره السلبية على النشاطات الاقتصادية الإنتاجية بشكل خاص.
4-منح التجار تسهيلات ائتمانية مقابل ايداعاتهم بالعملات الأجنبية، أثر سلبا على تدني سعر الليرة السورية.
5-التمويل بالعجز والاستدانة من المصرف المركزي، مما أدى الى رفع معدل التضخم، ومزيد من التدني في سعر الليرة السورية.
وكانت النتيجة هي التصرف بالاحتياطيات النقدية بالعملات الأجنبية، والتي كانت بحدود 20 مليار دولار، وبدأ معدل التضخم بالارتفاع الكبير.
المرحلة الثالثة: وهي الفترة ما بين عامي 2020 – 2024
1- استمرارالحكومة بسياسة التمويل بالعجز وهذا سبب ارتفاع معدل التضخم وتدني قيمة الليرة السورية، وفي هذا الموضوع يلاحظ بأن الدولة نفسها كانت أول الخاسرين جراء انخفاض قيمة العملة، فقد انخفضت إيراداتها من الضرائب والموارد الأخرى.
2- استمرار سياسة الدفاع عن سعر الصرف، فقد تم اصدار قرارات مثل: تمويل المستوردات عبر المنصة وتقييد السحب النقدي من المصارف، وكلها لها أثار سلبية على الحياة الاقتصادية.
3-أزمة وباء كورونا وما سببته من إغلاقات أدت إلى خلل في سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار ومعدل التضخم.
4-الأزمة النقدية في المصارف اللبنانية.
5-قانون قيصر والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وارتفاع تكاليف المستوردات وسبب ذلك ارتفاع الأسعار.
اقرأ أيضاً: أسباب داخلية وخارجية ترفع معدل التضخم.. عاصي لـ داما بوست سياسات المركزي تؤثر على الأنشطة الاقتصادية
الدكتورة لمياء عاصي أوضحت بأن الثقة بالقطاع المصرفي اهتزت لعدة أسباب، منها أن سعر الفائدة أُصبح اقل بكثير من معدل التضخم، بالإضافة إلى استمرار تقييد السحب النقدي من المصارف، ما أدى الى انخفاض كتلة الإيداعات بالليرة السورية.
وبالمحصلة كان هناك ارتفاع كبير في سعر الصرف رافقه تدني شديد في قيمة الليرة السورية، تزامن مع انخفاض في معدلات الإنتاج نتيجة ضعف حجم الاستهلاك العام.