عندما يصبح طفلك “وقحاً”.. هل هو اختبار لحدودك أم لقلبك؟

عندما يصبح طفلك “وقحاً”.. هل هو اختبار لحدودك أم لقلبك؟  في لحظة غضب، قد يجد الآباء أنفسهم يتساءلون: “ماذا حدث لطفلي؟” فقد كان لطيفاً ومؤدباً، والآن أصبح وقحاً، لا يتوقف عن الردّ أو تجاهل الأوامر. هذه اللحظات من الإحباط شائعة، لكن هل نحن ننظر إلى المشكلة من الزاوية الصحيحة؟

بعيدًا عن النظرة التقليدية التي ترى في “الوقاحة” مجرد سوء سلوك أو قلة أدب، يدعونا علم النفس الحديث إلى طرح سؤال أعمق: ماذا يحاول هذا السلوك أن يخبرنا؟

خلف السلوك الحاد.. طفل يعاني
يقول الخبراء إن السلوك “الوقح” غالباً ما يكون قناعاً لأزمة داخلية يمر بها الطفل. إنه ليس بالضرورة علامة على التمرد، بل قد يكون صرخة صامتة تعبر عن:

الإرهاق العاطفي:

يوم دراسي طويل أو ضغط اجتماعي قد يستنزف طاقة الطفل ويجعله عاجزاً عن التعامل مع مشاعره.

البحث عن السيطرة:

في عالم يشعر فيه بأنه صغير وعاجز، قد يلجأ إلى التحدي كطريقة لإثبات وجوده.

الحاجة إلى التواصل:

أحياناً، يكون السلوك السلبي هو السبيل الوحيد لجذب انتباهك، حتى لو كان هذا الانتباه سلبياً.

فالأطفال لا يمتلكون بعد الكلمات الصحيحة للتعبير عن إحباطهم أو غضبهم، فيُترجمون ذلك إلى سلوكيات تبدو “وقحة” لنا، لكنها في الحقيقة لغة تعبيرهم الخاصة.

ليس اختباراً للسلطة، بل اختباراً للحب هل هو اختبار لحدودك أم لقلبك؟
عندما يتحدى طفلك أو يرفع صوته، فإنه غالباً لا يحاول كسر سلطتك. بدلًا من ذلك، هو يطرح أسئلة غير مباشرة: “هل ستحبينني عندما أكون صعباً؟” أو “هل ستبقين بجانبي حتى عندما أكون غير مثالي؟”

الطفل في هذه اللحظات لا يبحث عن المواجهة، بل عن الاحتواء. يريد أن يتأكد أن حبك له غير مشروط، وأنكِ قادرة على التعامل مع مشاعره العارمة دون أن تنهاري أو تتخلي عنه.

كيف نميز بين الوقاحة والحاجة؟ عندما يصبح طفلك “وقحاً”
للتفريق بين السلوك الظاهري والسبب الحقيقي، يجب على الوالدين أن يكونوا محققين عاطفيين:

متى يحدث؟ هل يتكرر السلوك في أوقات معينة؟ مثل بعد يوم دراسي مرهق أو قبل موعد النوم؟

ما هو السياق؟ هل تزامن السلوك مع تغيير كبير في حياته، كالانتقال إلى منزل جديد أو ولادة أخ جديد؟

ماذا يقول؟ هل هي كلمات مؤذية حقاً، أم مجرد نبرة صوت تعبر عن التحدي أو الرفض؟

ربط السلوك بسياقه يفتح الباب لفهم أن “الوقاحة” قد لا تكون نقصاً في الأدب، بل صرخة لحاجة لم يتم تلبيتها.

خطوات للتعامل مع “الوقاحة” بوعي
عندما يتصرف طفلك بوقاحة، تذكري أن مهمتك ليست القضاء على السلوك، بل فهمه ومساعدته على التعبير عن نفسه بطرق أفضل.

حافظي على هدوئك: لا تجاري نبرة صوته. أنتِ البالغة في هذه المعادلة.

اعكسي المشاعر: قولي شيئاً مثل: “أشعر أنك غاضب الآن، هل هناك شيء أزعجك؟

ضعي حدوداً واضحة ولطيفة:

“لن أسمح بأن تتحدث معي بهذه الطريقة. يمكننا التحدث عندما تكون مستعدًا”.

ابحثي عن الأسباب الخفية:

فكري في سبب غضبه، هل هو قلق، أم محبط، أم يبحث عن التواصل؟

امنحيه قوة إيجابية:

أشركيه في اتخاذ قرارات بسيطة، وامنحيه مسؤوليات ليشعر بأهميته.

إن السلوكيات الصعبة لا تعني أنكِ أم سيئة، بل هي فرصة لتعليم طفلك كيفية التعامل مع عالمه الداخلي المعقد. عندما تنظرين إلى “الوقاحة” كعرض لا كجوهر، ستتمكنين من رؤية ما هو أعمق: طفل يبحث عن الأمان، وعن مساحة حقيقية ليكون على طبيعته.

إقرأ أيضاً: دورك كأم أهم من أن تكوني صديقة: معادلة الأمان والثقة

إقرأ أيضاً:  طفلي يصرخ طوال الوقت… رسالة غضب أم استغاثة صامتة؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.