هل تسهم المبادرات الطبية في تحسين واقع مرضى الكلى بسوريا؟
يستمر مرضى الفشل الكلوي في سوريا بمواجهة تحديات كبيرة، في ظل قطاع صحي أنهكته الحرب، وتضررت بنيته التحتية بشكل واسع نتيجة قصف المستشفيات وخروج عدد من المراكز الطبية عن الخدمة، إضافة إلى النقص المزمن في الأجهزة والمستلزمات الطبية.
وبحسب مدير الإمدادات الطبية في وزارة الصحة، عبد القادر المحمد، يبلغ عدد مرضى الفشل الكلوي في المستشفيات الحكومية نحو 6000 مريض، بينما لا يزال عدد الأجهزة العاملة غير كافٍ لتغطية احتياجاتهم. وأوضح أن الوزارة تسلمت في 2 من أيلول الجاري 23 جهاز غسيل كلى جديدًا من الجمعية الدولية لرعاية ضحايا الحروب والكوارث (الأمين)، ليرتفع العدد الإجمالي للأجهزة إلى 1140 جهازًا، منها 416 جهازًا فقط يعمل بشكل فعّال.
هذا النقص يضع المرضى أمام واقع صعب، إذ يتجاوز معدل المرضى لكل جهاز عامل 12 مريضًا، مع تفاوت النسب بين المحافظات. وأكد المحمد أن الأجهزة وُزّعت وفقًا لعدد المرضى في كل محافظة، مع إعطاء الأولوية للمناطق الأكثر تضررًا.
نقلة نوعية في الخدمة
وأشار المحمد إلى أن سوريا استقبلت خلال الفترة الأخيرة 136 جهازًا جديدًا عبر مبادرات مختلفة، معتبرًا أن هذه الدفعة تشكّل “نقلة نوعية” في خدمات الرعاية الصحية، حيث ستتيح توفير جلستين أسبوعيًا لجميع المرضى في حال تشغيل المراكز بثلاث ورديات يوميًا، كما ستسمح بفتح مراكز جديدة في مناطق غير مغطاة مثل ريف حمص الشمالي، وريف الرقة الجنوبي، وجسر الشغور، ومعرة النعمان.
ومع ذلك، يبقى التحدي قائمًا لتأمين ثلاث جلسات أسبوعيًا لكل مريض مع عودة النازحين إلى مناطقهم. لذلك، طلبت وزارة الصحة من منظمة “الأمين” المانحة توفير خدمات التركيب والصيانة وضمان الأجهزة، إلى جانب تدريب الفرق الطبية على استخدامها. كما تعمل الوزارة مع شركائها على إعداد برامج تدريبية مخصصة للممرضين والأطباء وفنيي الصيانة لرفع مستوى الرعاية.
تحديات متواصلة
رغم هذه المبادرات، تواجه وزارة الصحة تحديات متعددة أبرزها:
-
ضعف تطبيق إجراءات مكافحة العدوى ونقص المستلزمات.
-
الحاجة إلى 70 محطة تحلية مياه إضافية.
-
نقص في الكراسي والأسرة الخاصة بغسل الكلى.
-
سوء البنية التحتية للمراكز الصحية القائمة.
-
صعوبة توفير الأدوية والمستهلكات بجودة عالية.
-
الحاجة لمراكز جديدة لتخفيف معاناة المرضى من بعد المسافة.
-
غياب نظام إلكتروني لإدارة بيانات المرضى.
-
عدم وجود سجل وطني محدث لمرضى غسيل الكلى.
مشاريع صحية أوسع
إلى جانب ملف الكلى، تعمل وزارة الصحة على مشاريع صحية متعددة بالتعاون مع منظمة “الأمين الإنسانية”، أُعلن عنها في 24 من آب الماضي، وتشمل دعم خدمات الرعاية الأولية، وزراعة القوقعة والقرنية، وتركيب الأطراف الصناعية، وعلاج أورام الأطفال، والجراحات التخصصية، فضلًا عن إعادة تأهيل البنى التحتية وتدريب الكوادر وتقديم الدعم النفسي.
وتسعى الوزارة، بحسب تصريحات وزير الصحة مصعب العلي، إلى تطوير التعليم والتدريب الطبي، وتعزيز الأمن الدوائي والصناعة الدوائية، إلى جانب التحول الرقمي ومكافحة الأوبئة. إلا أن العلي أشار إلى صعوبات كبيرة أبرزها تدمير أكثر من 51 مستشفى ومئات النقاط الصحية، إضافة إلى نقص بعض الأدوية الاستراتيجية مثل أدوية السرطان والتخدير.
دعم دولي
وخلال لقائه القائم بالأعمال الياباني في دمشق، أكيهيرو تسوجي، في 10 من أيلول الجاري، أكد الوزير العلي أن وزارته تعمل على توفير خدمات صحية شاملة وسهلة الوصول، مشيرًا إلى أن الدعم الخارجي يساعد في سد الفجوات. من جانبه، أعلن الدبلوماسي الياباني استمرار دعم بلاده للقطاع الصحي في سوريا، وكشف عن خطط لتأهيل مستشفى “حمص الكبير” ضمن مشاريع التعاون القائمة.
اقرأ أيضاً:بتمويل إيطالي.. إعادة تأهيل المشفى الوطني في الرستن بـ 20 مليون دولار