يعتبر التضليل الإعلامي أحد أخطر أنواع الأسلحة التي تستخدم في الحروب ولها أهداف كثيرة تصب بمجملها في خانة تصنيع الرأي العام وتكييفه أو تضليله، كما تفعل أمريكا في حربها المزعومة على الإرهاب، خصوصاً ضد تنظيم “داعش” الذي تعود اليوم سيمفونية الاستعداد للحرب ضده مجدداً.
ويعمر تاريخ الإعلام الأمريكي بالتدخلات والتوجيهات التي قام بها خلال تغطيته للأخبار والأحداث منذ انطلاقته حتى الآن، ولم يكتف الإعلام الأمريكي بالتحريف والتحوير لصالحه بل اختلق أحداثاً لم توجد من الأصل.
وتكثر الأسئلة حول محاولات الإعلام الأمريكي بالتغطية على بعض الأحداث أو الأخبار لما يتناسب مع مصالحه في جو متخم بالشك حول حقيقة أهدافه، لكن الثابت أن قوات الاحتلال الأمريكي تقوم في الآونة الأخيرة بتوجيه الأحداث لما يصب لصالحها على كل الأصعدة، وتحاول تعويم فزاعة “داعش” من جديد في المنطقة لإبقاء تواجدها فيها مع تعالي الأصوات التي تطالب بخروجها من الأراضي السورية.
أمريكا اعتمدت لتحقيق ذلك على خلق دعاية كبيرة لتوجيه الجمهور الداخلي والخارجي، وراء المجهود الحربي الأمريكي المزعوم في محاربة “داعش”، من خلال دعاية مدروسة، لكنها مكشوفة للجميع.
ويأتي تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” من مقر قاعدة لقوات الاحتلال الأمريكي الخاصة في شمال شرق سوريا، ليؤكد أن القادة العسكريين الأمريكيين يبحثون عن طرق لاحتواء ما زعموا أنه الصحوة في نشاطات تنظيم “داعش”.
وتروج قوات الاحتلال الأمريكي الذي يعرف الجميع أن “داعش” هو مجرد صنيعة من صنائع الولايات المتحدة، بأن تنظيم “داعش” “يحشد قواته في بادية الشام، ويعد جيلاً شاباً من التنظيم للقيام بعمليات انتحارية، وتوجيه الهجمات ضد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ومحاولة إحياء حلمه بالخلافة من جديد”.
ما تروج له أمريكا واضح أنه من تخطيط مسبق ومدروس كالعادة، فهي تجعل من نفسها الهدف من الإرهاب الذي تدعمه، وتحاول إقناع المجتمع الدولي أن وجودها هو الضامن والحامي للمنطقة من موجات الإرهاب المتتالية التي تستهدفها.
القوات الأمريكية تدير حملة جديدة لمحاولة إثارة الاهتمام الإعلامي، حيث قام الطيران الأمريكي بشن غارات وبعمليات رقابة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي شنت مداهمات على خلايا يزعمون أنها لـ”داعش”، ورغم أن القوات الأمريكية تقف بعيدة عن القتال إلا أنها تقوم بغارات بنفسها لقتل أو اعتقال ما يزعمون أنهم أفراد أو قادة في تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يمول وبحسب الدلائل والقرائن من واشنطن وعواصم غربية.
قوات الاحتلال الأمريكي لم تروج فقط بل حاولت رفع مكانة وقوة “داعش” بقولها “مهما ضربتهم فإنهم يحاولون الوقوف من جديد” بشمال شرق سوريا”، وفي عبارات الاحتلال تأكيد على وجوب أن يظهر هذا التنظيم بين الحين والآخر بما يخدم الظروف التي تحيط بواشنطن وقواتها التي تحتل أجزاء من سوريا بشكل يخالف كل الشرائع والقوانين الدولية.
وتحاول واشنطن التهويل مما سيحدث للمنطقة من التنظيم وتروج أن عودة تنظيم “داعش” يمثل تحد مختلف عما كان في ذروة قوته، وعندما كان المئات من عناصره يهاجمون القرى المعزولة والمدن المزدحمة بالدبابات والشاحنات الصغيرة التي ركبت عليها الرشاشات، واليوم يعمل التنظيم من خلال خلايا صغيرة مسلحة بالبنادق والمفخخات.
لا شك أن ظهور تنظيم “داعش” وغيره من تنظيمات مسلحة كان بفعل الفتنة الكبيرة التي أحدثتها أمريكا والدول الغربية في المنطقة، وهي من مهدت الطريق لظهور هذه التنظيمات ودعمتها وتحاول اليوم أن تلعب دور المدافع عن المنطقة عبر تمثيل دور الحرب على الإرهاب ومواجهة هذا التنظيمات التي أصبحت فزاعة واشنطن في المنطقة لإبقاء احتلالها ونهب ثرواتها كما يحصل اليوم في أراض من سوريا تحتلها أمريكا وتواصل نهب مقدراتها وحرمان الدولة السورية والشعب منها.