داما بوست | حسن عيسى
فشل مجلس الأمن الدولي في تمديد الآلية التي تستخدمها الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، للمناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة شمال سورية، أو إيجاد تفاهمٍ جديد لتمديد هذه الآلية التي تعتبرها سورية مخالفةً لإرادتها وانتهاكاً لسيادتها.
وتم تأجيل التصويت الذي كان مقرراً الجمعة، إلى الاثنين، ثم إلى صباح الثلاثاء بتوقيت نيويورك، فاستخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار سويسري – برازيلي يهدف إلى تمديد آلية إيصال المساعدات لمدة 9 أشهر، وامتنعت الصين عن التصويت، مؤكدةً على احترام سيادة الدولة السورية وعدم تسييس القضايا الإنسانية.
“المفتاح هو إيجاد تفاهم”.. بهذه الكلمات عبّرت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة “باربرا وودورد” التي تتولى رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، عن استيائها من عدم قدرة المجلس على اتخاذ قرارٍ يمدد إدخال المساعدات إلى الشمال السوري، بعد أيامٍ من اتهامها موسكو بـ “المعرقل الأول لهذه القرار” باستخدام المساعدات الإنسانية “كورقة مساومة” لكن دون أن توجه الاتهام لها بشكلٍ مباشر.
وشملت الآلية منذ بداية تنفيذها قبل عدة سنوات أربع نقاط عبورٍ حدودية، لكن بعد سنوات من الضغط بقي معبر “باب الهوى” فقط قيد التشغيل، وقُلّصت فترة استعماله إلى ستة أشهر قابلة للتجديد بناءً على طلب روسيا، التي تعتبر أن هذه الآلية لم تعد ضرورية بعد تحرير معظم المناطق من سيطرة المجموعات المسلحة، وأن المساعدات يجب أن تمر عبر الحكومة السورية.
أما سورية المعني الأول بالقرار الأممي، فقد أعربت مراراً على لسان مسؤوليها أنها تولي اهتماماً كبيراً بالجانب الإنساني، وأنها تتعاون مع المنظمات الإنسانية المستقلة على إيصال المساعدات إلى جميع المحتاجين دون تمييز أو تحيز، داعيةً مجلس الأمن إلى احترام سيادتها وإرادة شعبها والكف عن التدخل في شؤونها الداخلية.
وفي هذا السياق، يرى الباحث الاستراتيجي الدكتور “كمال الجفا” في حديثه لداما بوست.. أن آلية إدخال المساعدات الإنسانية تشهد صراعاً “مفاوضاتياً” قد يؤدي إلى حل أو تصعيد، مشيراً إلى أن هذه المساعدات أممية ولا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية مخالفتها ما يتم الاتفاق عليه في مجلس الأمن، مبيناً أنه إذا لم توافق دمشق وموسكو على شروط معينة، فلن يتم فتح المعبر مجدداً.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي الدكتور “علي الأحمد” في حديثه لداما بوست.. أن الدول الغربية تحاول الضغط على سورية عبر فتح منافذ غير شرعية لصالح جهات مدعومة من الخارج، في محاولةٍ منها لإبقاء الدور الأكبر لهذه الجهات خلافاً لكل التوجهات الأخرى، مشيراً إلى أنه لا يمكن استمرار فشل التوصّل إلى تفاهمات بهذا الخصوص في مجلس الأمن، معتبراً أنه يمكن الوصول إلى تسويات معينة في لحظةٍ ما.
ولفت “الأحمد” إلى وجود اتصالات بوساطة روسية فيما يتعلق بالتقارب بين سورية وتركيا التي لها الدور الأكبر في ملف إدخال المساعدات، كونها تدعم الجماعات المسلحة التي تسيطر على معبر “باب الهوى” باعتبار أن كل المساعدات القادمة من الخارج والتي ستدخل من المعبر ستمر من خلالها، لافتاً إلى أنها تلعب دوراً كبيراً في هذا الملف، سواءً كان سلبياً أم إيجابياً، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بالـ “فيتو” الروسي والشروط التي وضعتها موسكو قبل 6 أشهر، أوضح “أحمد” أن روسيا كانت وما تزال رافضة لتمرير صيغة القرار، ولكن كان هناك دائماً مساحة لاتفاقات تفضي إلى الوصول لحلول وسطى بين جميع الأطراف، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيأخذ حده في أحد الأيام، وأنه سيكون هناك مساحات للتفاوض تكون في نهاية الأمر أوراق ضغط بيد تلك الأطراف، حتى الوصول إلى تفاهمات.