فنانـون وتجار يشتكون: غموض على الحدود السورية يحوّل الآلات الموسيقية إلى “ممنوعات”

تصاعدت في الأيام الأخيرة شكاوى فنانين وتجار سوريين بشأن ما وصفوه بإجراءات غير واضحة على المعابر الحدودية، تمنع إدخال الآلات الموسيقية الشخصية، وسط روايات عن تعسّف بعض عناصر الجمارك وغياب أي قرار رسمي يحدد طبيعة هذه القيود. وقد أثار هذا الواقع حالة من الجدل، خصوصاً مع تكرار الحوادث وتعدد الشهادات التي تحدثت عن “مزاجية” في التعامل مع الموسيقيين.

شكاوى متكررة وغياب تعليمات واضحة

بدأ الجدل بعد نشر الموسيقي السوري رشيد نجار شهادته حول منع عدد من الفنانين من إدخال آلات خرجوا بها سابقاً من البلاد، معتبراً أن غياب تعليمات رسمية يجعل الفنانين عرضة لاجتهادات الموظفين. وطالب نجار نقيب الفنانين مازن الناطور بالتدخل لتوضيح الموقف وحماية الفنانين من “تعنت بعض عناصر الجمارك”.

وتكررت الروايات بعد شهادة الموسيقي وعضو نقابة الفنانين طارق خوري، الذي أوقف على معبر المصنع لدى محاولته إدخال آلته الشخصية. ورغم تأكيده أنها ليست معدّة للاستيراد التجاري وإبرازه بطاقة عضوية النقابة، أُبلغ بأن إدخالها يحتاج إلى تصريح من وزارة الثقافة والنقابة، وأن بطاقة العضوية “لا قيمة لها في هذا الإجراء”.

وانتهى الأمر لاحقاً بالسماح له بإدخال الآلة بعد تدخل مسؤول أعلى رتبة، ما دفعه للقول إن التعامل يعتمد على “مزاج الموظف” وليس على قانون واضح. وأشار خوري إلى أنه يمتلك آلات خشبية قديمة تعود إلى نحو مئة عام، متسائلاً عن كيفية إثبات ملكيتها أو تقديم فواتير لها.

روايات إضافية تزيد الجدل: “هل الموسيقى محرّمة؟”

مواقف مشابهة ظهرت على لسان موسيقيين آخرين، من بينهم محمود بسطاطي الذي مُنع من إدخال غيتاره الشخصي إلى سوريا بدعوى وجود “قرار” يمنع إدخال الآلات الموسيقية، واضطر لإعادة الغيتار إلى لبنان خوفاً من مصادرته.

وتشير مصادر تجارية إلى صدور نشرة جمركية جديدة بعد سقوط نظام الأسد استبعدت الآلات الموسيقية من قوائم المستوردات، ما أثار تساؤلات حول وجود توجه رسمي لتقييد دخول هذه الأدوات. ورغم أن الهيئة العامة للمنافذ نفت صدور أي قرار صريح يمنع إدخالها، فإنها برّرت القيود بالسعي إلى “حماية الصناعة المحلية”، وهي حجة اعتبرها بعض التجار غير منطقية، خاصة وأن المنع طال حتى المتاع الشخصي.

وقال أحد التجار لمنصة “هاشتاغ” المحلية إن استبعاد الأدوات الموسيقية من التعريفة الجمركية وطريقة التعامل معها يوحيان بأنها “مُصنّفة كأنها محرّمات”، مضيفاً: “إذا كنا نتجه نحو الحداثة، لماذا تُمنع الآلات الموسيقية؟ ولماذا لا تظهر بشكل طبيعي في جداول الاستيراد؟”.

إلغاء حفل الجندلي يزيد الحساسية تجاه النشاط الموسيقي

وتزامن هذا الجدل مع إلغاء حفل الموسيقار السوري مالك الجندلي بعنوان “السيمفونية السورية من أجل السلام” بعد اعتراض مفتي حمص الشيخ سهيل جنيد، عضو المجلس الأعلى للإفتاء، الذي قال إن ساحة الساعة، المقررة للحفل، تحمل “ذاكرة الدم والدمع”، وإن إقامة فعالية موسيقية فيها تُعد “مساساً بكرامة الشهداء”.

هذا الموقف أعاد فتح النقاش حول النظرة الرسمية والدينية للموسيقى، وزاد من حدة التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحوادث مجرد اجتهادات فردية أم جزءاً من توجه أوسع لم تُعلَن ملامحه بعد.

بانتظار توضيحات رسمية

ورغم تزايد الشكاوى وتكرار القصص على المعابر، لم تصدر حتى الآن أي جهة رسمية — سواء نقابة الفنانين أو وزارة الثقافة أو إدارة المنافذ الحدودية — بياناً يوضح طبيعة الإجراءات المطبقة أو يحدد القواعد الخاصة بإدخال الآلات الموسيقية.

وبين روايات الفنانين وغياب تعليمات واضحة، يبقى الجدل مفتوحاً، بينما ينتظر الموسيقيون وتجار الآلات إعلان موقف رسمي ينهي حالة الالتباس القائمة على الحدود السورية.

اقرأ أيضاً:هل يستمر زخم أسهم الذكاء الاصطناعي في 2026؟ اختبار الواقع يقابل طموح التريليونات

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.