انقسامات المجلس التركماني السوري.. هل تهدد الخلافات المكاسب السياسية

تجددت الخلافات داخل المكوّن التركماني في سوريا على خلفية تسريبات تتعلق بقرب انعقاد اجتماع الهيئة العامة للمجلس التركماني السوري، بعد عام من تأجيله بسبب عملية “ردع العدوان”. وتفيد مصادر بأن بعض القيادات تدفع نحو ترشيح رئيس الهيئة الاستشارية في المجلس، عبد الرحمن مصطفى، لرئاسة المجلس، وذلك عقب إقناع الرئيس الحالي فيصل جمعة بالتنحي، استناداً إلى معلومات تفيد بأن الأخير سيكون ضمن الثلث الذي يختاره رئيس الجمهورية لعضوية مجلس الشعب.

هذه التطورات أشعلت سجالاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاجتماعية التركمانية، لا سيما بعد تسريب خطاب أرسله رئيس اتحاد الجمعيات التركمانية وعضو مجلس الشعب السوري، الدكتور طارق سلو، إلى شخصيات سياسية ومدنية في تركيا، الخطاب يعكس صراعاً متجذراً داخل الساحة التركمانية، ويهدف – وفق مضمونه – إلى منع عودة عبد الرحمن مصطفى إلى الواجهة السياسية.

خلافات تتجاوز السياسة

تشير الرسالة التي بعث بها سلو إلى أن التوترات الحالية ليست سياسية فقط، بل تتصل أيضاً بالنهج الإداري، والخلافات الشخصية، والولاءات، والعلاقات مع القوى الإقليمية والمحلية، محذراً من أن إعادة طرح اسم مصطفى قد تعيد “فتح الجروح القديمة” وتؤثر سلباً في العلاقة الحساسة بين المكوّن التركماني والإدارة السورية الحالية في دمشق، في مرحلة تتطلب بناء الثقة من جديد.

وفي هذا السياق، برزت أصوات تركمانية تدعو إلى عدم حصر التركمان في مؤسسة واحدة تمنحها صلاحيات احتكار تمثيلهم السياسي والاجتماعي، معتبرين أن التجربة السابقة أثبتت فشل هذا النموذج.

اتهامات بالتسبّب في تفكك المؤسسات

السياسي صالح فاضل الصالح يرى أن الشخصية المطروحة حالياً لرئاسة المجلس كانت سبباً في تفكك الهياكل السياسية التركمانية في السابق، مشيراً إلى أنها لعبت دوراً في زعزعة استقرار المجلس منذ الإطاحة برئيسه الأول بطرق وصفها بأنها “صعبة وغير عادلة”. ويضيف الصالح أن هذا النهج أرسى سابقة خطيرة وأدى لاحقاً إلى انقسام الأحزاب التركمانية الرئيسية، وتفاقم حالة الفوضى وانعدام الثقة في المؤسسات.

ويشير الصالح إلى أن تأثير هذه الخلافات لم يبقَ محصوراً داخل المكون التركماني، بل انعكس على المشهد السوري الأوسع، عبر إذكاء صراعات اجتماعية وتدمير العمل المؤسسي المشترك، إضافة إلى خلق حالة من الغضب تجاه تركيا في بعض المناطق المحررة بسبب ما يصفه بـ”الخطابات العدائية”.

ويحذّر الصالح من أن العودة المحتملة لعبد الرحمن مصطفى قد تقود إلى “أزمة جديدة” تحدّ من نفوذ التركمان السياسي، وتقوّض جهود توحيد الصف، وتلقي بظلالها على العلاقة مع دمشق.

من جانبه، يعتبر السياسي أيوب الشبلي أن تركيا يجب أن تتعامل بحذر مع أي دعم لشخصية مثيرة للجدل تحمل تاريخاً من التوتر مع الإدارة السورية الجديدة، مؤكداً أن المرحلة الحالية تتطلب قيادات توافقية قادرة على استعادة الثقة داخلياً وخارجياً.

تداخل الصراع الداخلي مع التطورات الميدانية

رئيس الجمعية التركمانية في شانلي أورفا، حسام الحسين، يرى أن الخلافات الأخيرة داخل المجلس لا يمكن فصلها عن السياق السوري العام، خاصة مع استمرار التصعيد بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السوري الجديد، وما يشهده المشهد من توترات ميدانية في مناطق مثل حلب والرقة.

ويؤكد الحسين أن إعادة طرح اسم مصطفى في هذه المرحلة تمثل “تطوراً خطيراً”، لأنها تأتي حين يكون المكوّن التركماني بحاجة ماسة للوحدة والفعالية، فيما تصر بعض القيادات على إعادة شخصيات مثيرة للجدل ما يزيد الانقسام، ويُضعف القدرة التفاوضية للتركمان في أي استحقاق سياسي مقبل.

ويرى أن هذا الانقسام لا يهدد فقط موقع التركمان داخل سوريا، بل يشكل عبئاً على تركيا نفسها التي تعتمد على المكوّن التركماني كإحدى أدوات نفوذها في البلاد، إذ يجعلها مضطرة للتعامل مع أزمة داخلية بدل التركيز على الملفات الأمنية والسياسية الكبرى.

نفي رسمي

في ظل هذا الجدل، نفى عبد الرحمن مصطفى في تصريح لموقع تلفزيون سوريا وجود أي اجتماع مرتقب أو أي مساعٍ للعودة إلى المشهد السياسي، مؤكداً أنه لا علم له بما يتم تداوله عن تحركات داخل المجلس.

اقرأ أيضاً:المبعوث الأميركي: تشكيل حكومة سورية ;مركزية تضم المكونات بنهاية العام

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.