إلهام أحمد تدعو إلى الحوار مع تركيا لفتح مسار السلام في سوريا
دعت إلهام أحمد، الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، خلال مشاركتها عبر تطبيق “زووم” في مؤتمر “السلام والمجتمع الديمقراطي” المنعقد في إسطنبول، إلى استقبال مسؤولين أتراك في مناطق سيطرة الإدارة، كما طالبت بإتاحة الفرصة لوفود من الإدارة لزيارة تركيا، بهدف فتح حوار مباشر حول مسار السلام بين الطرفين.
الدعوة إلى الحوار: خطوة نحو السلام:
وأوضحت أحمد أن الأولوية في الوقت الراهن ليست مناقشة “ترك السلاح”، بل إطلاق مفاوضات حول مفهوم السلام نفسه، باعتباره المدخل الوحيد لمعالجة القضايا العالقة بين الإدارة الذاتية وتركيا. جاءت هذه الدعوة في سياق تذكير بتجربة سابقة عندما أثرت جولات الحوار بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني بين عامي 2013 و2015 على الوضع في شمال وشرق سوريا، حيث تم تخفيف التصعيد العسكري وفتح قنوات اتصال غير رسمية بين الطرفين.
استراتيجية الإدارة الذاتية وقسد:
رغم الطابع الدبلوماسي الواضح لدعوتها، تشير القراءة المعمقة لتوقيت ومحتوى التصريحات إلى أن الإدارة الذاتية وذراعها العسكري قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسعيان إلى تعزيز مكانتهما في المشهد السياسي السوري المتغير. ففي أعقاب التحولات الكبيرة التي شهدتها سوريا في أواخر 2024، باتت الإدارة الذاتية تدرك أن بقائها ككيان فاعل يتطلب اعترافًا ضمنيًا من القوى الإقليمية، خاصة تركيا.
الموقف التركي من الحوار:
في هذا السياق، تتطلع الإدارة الذاتية إلى كسر العزلة الدبلوماسية التي تعيشها وتحويل قضيتها من ملف أمني إلى ملف سياسي يخضع للتفاوض، بدلًا من الاعتماد على الحسم العسكري فقط.
ورغم أن تركيا لم تُظهر رد فعل رسمي على تصريحات إلهام أحمد، إلا أن هناك إشارات من مصادر دبلوماسية تركية تؤكد على ضرورة انسحاب “قسد” من بعض المناطق السورية وتقديم ضمانات بشأن التعاون مع واشنطن، وفق موقع “المدن”.
التداعيات المحلية والإقليمية:
من الجانب المحلي، قد تثير الدعوة إلى الحوار مخاوف لدى بعض المكونات العربية في مناطق الإدارة الذاتية، التي تخشى من أن تُستخدم المفاوضات كغطاء لتعزيز الهيمنة الكردية. أما بالنسبة لفصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا، التي تصنف قسد كعدو استراتيجي، فقد تترقب هذه الدعوة كاختراق للجبهة التركية الموحدة في الشمال السوري.
تأثير الحوار على الوضع الأمني:
فيما يتعلق بالجانب الأمني، فإن أي تقارب حقيقي بين “قسد” و تركيا، حتى لو بدا رمزيًا في البداية، قد يستدعي إعادة النظر في العلاقة بين “قسد” والفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على خطوط التماس في منبج، و عين العرب، حيث لا تزال الاشتباكات المتقطعة تهدد الاستقرار الهش.
المستقبل السياسي في سوريا:
الأهم في هذا التصريح هو الزمان والمكان، حيث تأتي الدعوة في وسط رمادي، بين القوة والضعف، مما يعكس أن بقاء الإدارة الذاتية مرتبط بإمكانية احتوائها أو تحييدها من قبل تركيا، التي بدورها تدرك أن أي تصعيد في الشمال السوري قد ينعكس سلبًا على أمنها الداخلي.
الآفاق المستقبلية: استقرار سوريا واستقرار تركيا:
ورغم العقود الطويلة من الصراع غير المباشر بين تركيا و قسد، يتفق الطرفان على نقطة واحدة: استقرار سوريا لا يمكن فصله عن استقرار تركيا. لكن يبقى الاختلاف في تعريف الاستقرار، ومن يضمنه. هل سيفتح تصريح إلهام أحمد بابًا جديدًا للحوار بين تركيا و الإدارة الذاتية، أم سيكون مجرد إضافة جديدة لسجل طويل من المبادرات التي لم تُترجم إلى واقع؟ يبقى ذلك رهناً بتقاطع المصالح بين الأطراف المختلفة، لا برغباتهم فقط.
إقرأ أيضاً: قسد تُدين خطاب الكراهية الصادر عن فصائل مسلحة تابعة لدمشق
إقرأ أيضاً: تحركات عسكرية تركية – سورية مشتركة تُنذر بعملية واسعة ضد “قسد” حال فشل اتفاق الدمج