مجلة أمريكية..أزمة السيولة في سوريا.. طوابير طويلة وصرافات عاجزة
نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز تقريراً موسعاً تناول الأزمة النقدية التي يعاني منها السوريون منذ سقوط نظام بشار الأسد، موضحة كيف تحولت عمليات سحب الأموال من المصارف إلى مهام يومية شاقة تمتد لساعات طويلة، وسط نقص مستمر في السيولة وقيود على السحب، وانخفاض حاد في الثقة بالنظام المالي. ويبرز التقرير معاناة المواطنين في طوابير طويلة تحت الشمس الحارقة في دمشق، حيث يصف خبراء اقتصاديون الواقع بأنه “جحيم مصرفي”.
معاناة أمام الصرافات الآلية
يصف التقرير تجربة مواطنين مثل ماهر إلياس (59 عاماً)، الذي قضى ساعات أمام صراف آلي تابع لمصرفه محاولاً سحب مبلغ محدود لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية أسبوعياً، ما يكفي بالكاد لتغطية حاجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص. ويقول ماهر: “كل هذا الانتظار من أجل ماذا؟”، في إشارة إلى حجم المعاناة اليومية للسوريين أمام المصارف.
وتشير الصحيفة إلى أن الموظفين أنفسهم يضطرون أحياناً لأخذ إجازات من العمل للانتظار أمام المصارف، في ظل اقتصاد متأزم وقيود صارمة على السحب، بينما يحتاج المواطنون إلى تكرار عملية الانتظار عدة مرات للحصول على كامل رواتبهم الشهرية، والتي غالباً ما تقل عن خمسين دولاراً.
سحب محدود وعجز المصارف
ويحكي التقرير قصة محمد (63 عاماً) الذي حاول سحب مبلغ أكبر من المصرف الخاص الذي يتعامل معه، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب عدم توفر النقد في الصرافات أو الأعطال المتكررة. ويؤكد مدير أحد المصارف، دون الكشف عن هويته، أن المصارف الخاصة غالباً ما لا تستلم سوى جزء محدود من النقد الذي يفترض أن يصلها من المصرف المركزي يومياً، ما يؤدي إلى قصور في تلبية طلبات العملاء.
تداعيات اقتصادية كبيرة
وتشير الصحيفة إلى أن الحكام الجدد لسوريا سيطروا على المؤسسات المالية بعد سقوط الأسد، في ظل اقتصاد متضرر من الحرب والعقوبات، حيث وصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى مستويات قياسية تخطت 18 ألف ليرة، قبل أن يتحسن جزئياً إلى نحو 11 ألف ليرة مقابل الدولار. ومع ذلك، تظل مخرجات الاقتصاد أقل من نصف مستويات ما قبل الحرب، فيما يعيش ربع السكان على أقل من دولارين ونصف يومياً، وفق البنك الدولي.
ويضيف التقرير أن المصارف السورية لا تزال معزولة عن النظام المالي العالمي، رغم رفع جزء من العقوبات من قبل الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية، وأن السوق تعتمد بشكل متزايد على صرافة الأموال بطرق غير رسمية لسد الحاجة النقدية.
محاولات للتكيف الرقمي
واستعرض التقرير تطبيق الدفع الإلكتروني “شام كاش”، الذي أُطلق لتوزيع رواتب موظفي القطاع العام، لكنه يثير مخاوف خبراء التقنية والاقتصاد حول أمنه وارتباطه بمصرف غير معترف به من المصرف المركزي، بالإضافة إلى الرسوم الكبيرة التي تفرضها شركتا تحويل الأموال المملوكتان للحكومة الجديدة.
وفي ختام التقرير، يظهر حجم المعاناة اليومية للسوريين، مثل ماهر إلياس، الذي قضى ساعات أمام أجهزة الصرافات ليتمكن من سحب الحد الأدنى من راتبه، ما يعكس استمرار أزمة السيولة ونقص الثقة بالنظام المالي رغم الإجراءات الجديدة ومحاولات الحكومة لتخفيف القيود على التعامل بالدولار.
اقرأ أيضاً:مجلة أمريكية: سياسات الشرع تهدد بدفع سوريا إلى حرب أهلية