مشروع “أبراج دمشق” يثير الجدل: هل وقعت الحكومة السورية في فخ شركة غامضة؟
أثار توقيع مذكرة تفاهم بين الحكومة السورية وشركة “ياباكو” الإيطالية لإنشاء مشروع عقاري ضخم تحت اسم “أبراج دمشق”، جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، خاصة بعد الكشف عن أن الشركة الناشئة لا تمتلك المؤهلات المالية أو الفنية اللازمة لتنفيذ مشروع تقدّر قيمته بـ ملياري دولار.
من هي شركة “ياباكو” الإيطالية؟
تشير السجلات الرسمية الإيطالية إلى أن شركة ياباكو تأسست في عام 2022، برأسمال لا يتجاوز 16 ألف يورو، وبإيرادات سنوية لا تتعدى 209 آلاف يورو، دون أي سجل موثق لمشاريع مماثلة أو سابقة، ما يثير شكوكًا جدية حول قدرتها على تنفيذ مشروع بهذا الحجم والتعقيد في بيئة اقتصادية متأزمة كـ الاقتصاد السوري.
علامات استفهام حول معايير اختيار الشركة المنفذة
خبراء الاقتصاد أكدوا أن اختيار الشركات المنفذة لمشاريع عملاقة يجب أن يعتمد على خبرة مثبتة في تنفيذ مشاريع ضخمة، إضافة إلى توفر ملاءة مالية قوية وبنية تحتية متكاملة تشمل فرق هندسية وتقنية مؤهلة.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي يونس الكريم لموقع “هاشتاغ” أن الفارق الكبير بين قدرات “ياباكو” المعلنة وقيمة المشروع يطرح تساؤلات حول معايير الشفافية والرقابة التي اتبعتها الجهات الرسمية السورية في التعاقد، داعيًا إلى ضرورة تحويل المذكرة إلى عقد مُلزم يتضمن ضمانات واضحة.
الملاءة المالية والقدرة التشغيلية.. غائبة كليًا
بحسب الكريم، فإن الملاءة المالية ليست مجرد شرط شكلي، بل تمثل حجر الأساس في نجاح المشاريع الكبرى، خصوصًا في حالات الطوارئ أو الأزمات. وأكد أن شركات بهذا الحجم الصغير لا تملك عادة القدرة على تأمين التمويل أو تجاوز العقبات الإدارية والفنية، مما قد يؤدي إلى تأخير أو انهيار المشروع بالكامل.
خطر العقوبات الدولية وغسيل الأموال
واحدة من أبرز التحديات التي تواجه مثل هذه المشاريع في سوريا هي الامتثال للعقوبات الدولية، خاصة الأمريكية والأوروبية. وهنا يشير الكريم إلى أن التعامل مع شركة مجهولة أو حديثة التأسيس يزيد من مخاطر شبهة غسيل الأموال، ما قد يدفع البنوك الدولية إلى تشديد القيود على المعاملات المالية المرتبطة بسوريا، وربما فرض عقوبات جديدة.
كما حذر من أن شركات الواجهة أو الشركات المسجلة في ملاذات ضريبية قد تُستخدم كغطاء لتحريك أموال غير مشروعة، في وقت يحتاج فيه الاقتصاد السوري إلى انفتاح حذر وقانوني على الأسواق العالمية.
غياب الشفافية يهدد الاقتصاد السوري
أوضح الكريم أن الحكومة السورية مطالبة بالإجابة على مجموعة من الأسئلة قبل الشروع في أي مشروع بهذا الحجم، أبرزها:
ما هي آلية تمويل المشروع؟
هل سيتم استيراد كامل المعدات من الخارج أم سيتم توطين التكنولوجيا؟
ما هي التزامات الدولة السورية مقابل التزامات الشركة؟
كيف سيتم تسعير وتوزيع الأرباح؟ وبأي عملة؟
وأكد أن عدم وضوح هذه التفاصيل قد يجعل المشروع بابًا واسعًا للفساد المالي والإداري، ويعرّض البلاد لمخاطر اقتصادية وقانونية كبيرة.
الدعوة إلى وقف مذكرات التفاهم الغامضة
دعا الكريم إلى وقف التوسع في توقيع مذكرات التفاهم مع شركات غير معروفة أو عديمة الخبرة، خصوصًا في ظل غياب رقابة فعّالة ومساءلة شفافة. واعتبر أن الاستمرار بهذا النمط من التعاقدات قد يؤدي إلى:
استنزاف المال العام
إضعاف المؤسسات الرسمية
حرمان القطاعات الحيوية من التمويل
هل ينجح نموذج BOT في سوريا؟
أشار الكريم إلى أن نموذج BOT (البناء والتشغيل ونقل الملكية) يمكن أن يكون مجديًا من الناحية النظرية، لكنه يحتاج إلى بيئة قانونية ومالية مستقرة، إضافة إلى شركاء موثوقين. وفي ظل الظروف الحالية، يرى أن نجاح هذا النموذج مرهون بمنح الأولوية للمستثمرين المحليين ما يرفع فرص النجاح ويقلل الأعباء المترتبة على الدولة.
إقرأ أيضاً: مشروع أبراج دمشق: استثمار ملياري بيد شركة لا موظفين لها؟
إقرأ أيضاً: رأس المال السوري غائب..من يتحكم في استثمارات سوريا الجديدة؟