الشباب السوري بين البطالة والاستغلال: واقع معقد وحلول مؤجلة
يشهد سوق العمل في سوريا أوضاعاً صعبة، جعلت الكثير من الشباب، رجالاً ونساءً، عرضةً للاستغلال في ظل تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد. فقد أفرزت سنوات النزاع حالةً من الفقر والنزوح وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع قيمة الليرة السورية، الأمر الذي دفع العديد منهم إلى قبول أعمال شاقة مقابل أجور منخفضة ودون أي ضمانات قانونية.
ولا يقتصر الأمر على تلبية احتياجاتهم الشخصية، إذ تحمّل كثير من الشباب مسؤولية إعالة أسرهم بعد فقدان المعيل أو مصادر الدخل، ما جعلهم أكثر عرضة للضغوط من قبل أرباب العمل. وتشمل أشكال الاستغلال التي يتعرضون لها العمل لساعات طويلة بأجور زهيدة، تأخير صرف المستحقات، اقتطاع جزء من الراتب، تكليفهم بمهام إضافية خارج نطاق عملهم، وحرمانهم من الإجازات أو التعويضات في حالات المرض أو الإصابة، في ظل صمتهم خوفاً من فقدان مصدر رزقهم.
تتنوع خلفيات هؤلاء العاملين، فمنهم الطالب الجامعي الذي يعمل لتأمين نفقات دراسته، والشاب الذي فقد والده ويعيل أسرته، والشابة التي تسعى للاستقلال المادي، والأرملة التي تكافح لتربية أطفالها، وصولاً إلى العاملين في مجالات كالمحال التجارية والمطاعم والخياطة والأعمال اليومية المجهدة.
ويرى ناشطون أن الحد من هذه الظاهرة يتطلب تفعيل قوانين حماية العمال وفرض عقوبات على المخالفين، إلى جانب توفير برامج دعم مالي وتعليمي للشباب، وإطلاق حملات توعية بحقوقهم، وتشجيع المشاريع الصغيرة التي توفر دخلاً مستقراً.
في ظل غياب حلول عملية، يبقى واقع الشباب السوري في سوق العمل مرهوناً بفرص لائقة تضمن حقوقهم وتحمي مستقبلهم، باعتبار أن تمكينهم ضرورة أساسية لإعادة بناء المجتمع.
إقرأ أيضاً:سوق رقمي بلا مظلة قانونية.. العمل عن بعد في سوريا تحت رحمة الأجور والضغوط