داما بوست- خاص| لا يكاد يفرح الحلبيون بوصول رسائل البنزين المدعوم وتعبئتها في خزانات سيارتهم، حتى يصطدموا بظهور أصوات وأعطال مفاجئة في المحركات، ليتحول فرحهم إلى غمّ وشقاء مع توجههم إلى ورش الصيانة المنتشرة في المدينة، للكشف عن الأضرار التي لحقت بسياراتهم بعد التعبئة “المدعومة”.
“صوت أوانص، سكسكة، وضعف عزم”، أعراض يسهل على المبتدئ في عالم صيانة السيارات تشخيصها على أنها ناجمة عن تعبئة نوعية رديئة جداً من البنزين، وتلك الأعراض أصبحت الأكثر شيوعاً وانتشاراً بين سيارات الحلبيين في الأسابيع الثلاثة الماضية على وجه التحديد، الأمر الذي نشّط بشكل كبير من حركة العمل في ورشات الصيانة الميكانيكية.
ووفق ما رصده مراسل “داما بوست” في حلب، اتفقت أحاديث جميع مختصي الصيانة الذين تم استقصاء آرائهم، على أن جميع السيارات التي وصلت إلى ورشاتهم في الآونة الأخيرة، كانت في حالة سيئة ميكانيكياً، إلى جانب تعرّض نسبة كبيرة من تلك السيارات لحالات انسداد في مصافي البنزين، نتيجة تعبئة السيارات بنوعية بنزين متردية للغاية، فيما أكد أصحاب السيارات أن البنزين تمت تعبئته من الكازيات النظامية وليس من السوق السوداء.
ولا تقتصر النوعية السيئة من البنزين على كازية دون أخرى في المدينة، حيث اختلفت أسماء وأماكن الكازيات التي ملأ منها أصحاب السيارات الذين راجعوا ورشات الصيانة، سياراتهم، الأمر الذي أكد أن سوء نوعية البنزين حالة عامة، وليست مقتصرة على حالة غش فردية في كازية دون أخرى، كما كان الحال في السابق.
واختلف “ميكانسيانون” في حلب خلال حديثهم لـ “داما بوست” حول نوعية غش البنزين، إلا أن رؤيتهم بحسب خبرتهم التي اكتسبوها على مدار سنين العمل، تمحورت حول نوعين من الغش، أولهما أن البنزين الموجود في مدينة حلب مؤخراً، من نوعية الأوكتان /80/، بينما من المفترض أنه بنزين /90/، إلى جانب احتوائه على نسبة كبيرة من الأوساخ والشوائب، منوهين بأني التدني الكبير من نسبة الأوكتان يعدّ السبب الرئيسي لتلك المشاكل الفنية.
وحول النوع الثاني، قال عدد من فنيي السيارات، أن البنزين الموجود في كازيات حلب، مغشوش بمادتي “الأوكزلين” و”النفط” المستخدمتين في صناعة “التَنَر”، مشيرين في الوقت ذاته إلى خطورة كبيرة محدقة بمحركات السيارات في المستقبل القريب.
وعلى حين تباينت أراء الفنيين حول نوعي الغش، إلا أنها تطابقت تماماً في مسألة الحل الإسعافي في الوضع الراهن، حيث نصح الفنيون بتعبئة علبة “أوكتان” من نوعية جيدة في خزانات السيارات، إبان كل عملية تعبئة من كازيات حلب، كونها تساعد على الاحتراق بشكل أفضل وتخفف بنسبة لا بأس بها من الأضرار الناجمة عن البنزين المغشوش.
والحال أن ما تتعرض له سيارات حلب بات يشكّل مزيداً من الأعباء المعيشية التي أثقلت وما تزال تثقل كاهل الحلبيين، فالكلفة العلاجية لأضرار البنزين المغشوش من تغيير مصافي وما إلى ذلك، من الممكن أن تصل تكاليفها إلى مئات الآلاف من الليرات، وحتى الحل الوقائي الذي نصح به الفنيون، ليس بالأمر الهيّن، في ظل وصول سعر علبة “الأوكتان” ذات النوعية الجيدة مؤخراً إلى ما بين /90/ و/100/ ألف ليرة سورية، مع الإشارة إلى أن الحل الوقائي ليس لمرة واحدة، وإنما يتوجب على أصحاب السيارات تعبئة تلك العلبة مع كل عملية تعبئة من الكازيات.
ويبقى التساؤل أخيراً، حول هوية المسؤول عن رداءة نوعية البَنزين في حلب والأذى الناجم عنها، وما إذا كان ذلك البنزين يصل على حاله من السوء إلى الكازيات من المصافي النفطية، أم أنه يتعرض للغش بعد وصوله إلى الكازيات؟، مع الإشارة إلى أن ظاهرة البنزين السيئ وجميع الشكايات التي وردت حوله، لم تقتصر على كازية دون أخرى كما ورد سابقاً، وإنما هي حالة عامة تشمل جميع كازيات المدينة!.