داما بوست – منهل إبراهيم| يوجه الرئيس الأمريكي جو بايدن الأكثر جدلاً في تاريخ أمريكا رسالته الرمضانية الإنسانية المزعومة لأهل غزة، من باب أن الولايات المتحدة تحاسب الجميع ولا يحاسبها أحد، تتهم من تشاء بما تشاء ولا يجرؤ على اتهامها أحد، ترتكب ما تشاء من الجرائم في المنطقة والعالم وتدعم الحروب كما يحصل في غزة ولا تكترث لما تتركه وراءها من شتات ودمار وقتلى وكوارث إنسانية تفوق كل حد وتصور.
ويتساءل الإنسان السوي العاقل وهو يقف مذهولاً وناقماً أمام الكم الكبير الهائل من النفاق، وهذه الإنسانية الشيطانية الإجرامية التمساحية التي يتقمّصها الرئيس بايدن ومن حوله في إدارته تجاه غزة وأهلها المفجوعين بالإنسانية.
ما الفرق في أعين الإدارة الأميركية بين قتل الفلسطينيين في القطاع وبين رمي المساعدات؟، مالفرق بين دعم “إسرائيل” بالسلاح ودعم الإنسانية بالكلام الفارغ؟ ما الفرق بين أوكرانيا وقطاع غزة ولمن الدعم؟، أليس الدعم لـ “إسرائيل” ونظام زيلنسكي دعم واحد، وعلى حساب الأعداء والخصوم المفترضين.
إذاً خصوم الإدارة الأمريكية هم الفلسطينيون والروس، وغيرهم، والمدعومون هم الأحبة والأصدقاء، فعلى من يتباكى بايدن، على فلسطيني قتل شهيداً بالرصاص أو مات شهيداً من الجوع، أم على سجين معارض روسي يستثمره العقل الأمريكي العفن بعد موته كما يستثمر الإنسانية المذبوحة في غزة وفي كلا الحالتين، لا يهتم بايدن وجوقته لا إلى القتيل الشهيد في غزة ولا للسجين المتوفى في موسكو، بل المهم قيادة دفة النفاق والاستثمار في الأحداث.
وأين الفلسطينيون من كل ما يدعيه بايدن من إنسانية وهو يزعم أن الولايات المتحدة ستواصل قيادة الجهود الدولية الرامية إلى إيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة عن طريق البر والجو والبحر، بينما تفتح ولاياته كل طرق الموت ومخازن السلاح نحو غزة.
المهم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قدم نفاقه وتهانيه الممزوجه بالهذيان إلى المسلمين في الولايات المتحدة والعالم بمناسبة شهر رمضان، وربما استعان لهذا الأمر بالعديد من المؤرخين والمستشارين لينطلق لسانه، وتحدث بايدن بإنسانيته المفقودة عن الليلة، والهلال الجديد، وبداية شهر رمضان المبارك، وقدم أطيب تمنياته الممزوجة بالدم والدعم الخالي من أي خطوط حمراء لإسرائيل لتستمر في القتل والرقص على أشلاء غزة.
ويأتي شهر رمضان هذا العام في وقت لا تزال فيه منطقة “الشرق الأوسط” مشتعلة بحقد الصهاينة بسبب الحرب الإسرائيلية الظالمة على قطاع غزة، وهو الأمر الذي يُثير مخاوف من توسع دائرة الحرب.
ولا ندري بمن استعان بايدن لينقل للعالم والفلسطينيين لحظة ألمه الهائل، في الشهر الحرام لما تسببت به الحرب في غزة في معاناة رهيبة للشعب الفلسطيني، يقول بايدن هذا الكلام بشطلة من لسانة، ويطلق الشطلة الأخرى لسفك دماء المزيد من المدنيين، من أطفال ونساء وشيوخ وهو يشعر بحزنه العميق عليهم، وهنا المفارقة.
ويقر الرئيس بايدن ولا ندي إن كان أحد مستشاريه قد أخبره بالمعلومة أن الحرب “شردت ما يقرب من مليوني فلسطيني والعديد منهم في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء والمأوى، وبينما يجتمع المسلمون في جميع أنحاء العالم خلال الأيام والأسابيع المقبلة لتناول طعام الإفطار، فإن معاناة الشعب الفلسطيني ستكون في أذهان الكثيرين، إنه أمر في ذهني أيضاً “.
نعم كل ذلك في ذهن بايدن، هذا الذهن الذي لم يعد يفرق بين الدول والملل، ورئيس الصين من رئيس الفلبين، والأبيض والأسود، والقارات والسياسات، ولم يعد يعرف الجدار من الباب، والسماء من السحاب، فكيف يكون جوع الفلسطيني ودماره وسبي حياته في هذا الذهن الذي اضمحل وذاب في تلافيف ذهن حليفه نتنياهو.
نعم بايدن سيواصل قيادة جهود تدمير غزة، عن طريق البر والجو والبحر عبر بواباته الإنسانية الكاذبة، وسيواصل العمل مع “إسرائيل” لتوسيع عمليات القتل والتدمير، ولن يكون هنالك وقف فوري ومستدام للحرب إلا بعد جني جميع الثمار الخبيثة التي ترمي إليها إدارة بايدن ومن خلفها “إسرائيل”.