داما بوست – أديب رضوان
عند كل منعطف تاريخي مؤثر ومع تآكل آلة الردع الأمريكية في العالم، تعود الولايات المتحدة لتطبيق سياسة الاغتيالات بحق القادة والمقاومين، الذين تعتبرهم حجر عثرة في وجه مخطط الهيمنة الذي ترسمه وخصوصاً لمنطقة الشرق الأوسط.
في الآونة الأخيرة لجأت واشنطن وحليفتها “إسرائيل” أيضاً لتفعيل تلك السياسة، بهدف تضليل الرأي العام الأمريكي أولا والعالمي ثانياً، بزعم امتلاك واشنطن وتل أبيب لقدرة الردع، بعد تآكلها في المنطقة وفقدان وهيبتهما، سواء بفعل عملية طوفان الأقصى التي أنجزها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أو بفعل ضربات المقاومة العراقية والسورية باستهداف قواعد الاحتلال الأمريكي في المنطقة وصولاً إلى شمال الأردن.
سياسة قديمة متجددة ثبت عدم قدرتها على فعل أي شيء، في زمن خبرت الشعوب فعل المقاومة بوجه الاحتلال، فالأمة ولادة القادة المقاومين مهما تم استهدافهم.
وهنا تعود النظرية السياسية الأمريكية، لتؤكد أن للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تاريخاً طويلا في تكرار الأخطاء نفسها، وتوقع نتائج مختلفة، ورغم أن كل إدارة جديدة تبعث آمالاً جديدة إلا أننا ما زلنا نرى النتائج نفسها منذ عقود، ويكفي أن نستذكر ما حل بالقوات الأمريكية في لبنان في عام 1983 عند استهداف مقر مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” في بيروت وأدى لمقتل المئات من الجنود الأمريكيين آنذاك والانسحاب من لبنان.
ورغم أن سياسة واشنطن الخارجية التي كثيراً ما كانت تصاغ في سياق متاهات الهيمنة الأمريكية، وتنافس القوى العظمى ومعادلات الحرب الباردة طوال القرن العشرين تخففت من كل هذه الأعباء في الألفية الجديدة، ولكن النتائج مع ذلك لم تتغير.
تعود واشنطن لارتكاب الأخطاء السابقة نفسها بأدوات متجددة، إذ ما فتئت السياسة الخارجية والمؤسسة الأمنية للولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق المصالح في الشرق الأوسط على حساب شعوب ودول المنطقة، وترتكب الأخطاء الجسيمة، وتمارس سياسة الترهيب بحق الحكومات والشعوب، والاغتيالات بحق القادة الأبطال والمقاومين لوجودها بالمنطقة.
وعلى مدى عقود ظلت “العنجهية السياسية” الأمريكية تتصدر المشهد الأمريكي، وتدفع الولايات المتحدة نحو دعم “إسرائيل” بشكل مطلق وغير مشروط وعلى حساب حقوق الفلسطينيين والعرب، ناهيك عن احتلال واشنطن لأفغانستان والعراق، هذه السياسة أثبتت بعد سنوات أنها فاشلة ميدانياً، إذ لم تحقق واشنطن أي نتيجة سوى تدمير الدول وخنق الشعوب اقتصادياً، وهي التي ادعت أن وجودها بهدف تطبيق الديمقراطية في المنطقة ورفاهية الشعوب، ولكن النتائج كانت عكسية تماماً.
اغتيالات شتى في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان وأصبع المسؤولية واحد هو واشنطن وحليفتها “إسرائيل”، وهذا يثبت كما أكدت الخارجية الروسية من أن هذه الاغتيالات والضربات في سوريا والعراق أظهرت الطبيعة العدوانية للسياسة الأمريكية في المنطقة وتجاهلها للقانون الدولي.
تعبير عن إفلاس سياسي وميداني كبير، هكذا وصف العديد من الساسة الدوليين، لجوء واشنطن وتل أبيب إلى تفعيل عمليات الاغتيال في المنطقة، معتبرين أن اللجوء إلى عمليات الاغتيال في خضم الحرب على غزة يؤكد ضعف رصيد منجزات الكيان الصهيوني في حربه المفتوحة ضد الفلسطينيين، وعجزه عن ردم الهشاشة التي كشفتها عملية “طوفان الأقصى”، وانكشاف دور الكيان الوظيفي في المنطقة.
لذا، يسعى الكيان إلى مراكمة النقاط بكل الوسائل المتاحة، مستفيداً من القدرات التكنولوجية المتقدّمة والدعم الأمريكي غير المسبوق، بارتكابه جرائم تصنف جرائم حرب بحق الإنسانية، مع انتهاك سيادة الدول المستقلة وعلى رأسها سوريا ولبنان والعراق وتكشف للرأي العام حقيقة الكيان الغاصب ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية راعية الإرهاب في العالم، كما أكدت حقائق التاريخ والجغرافيا وباعتراف هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق التي قالت في مذكراتها “إن تنظيم (داعش) الإرهابي صناعة أمريكية بحتة”.