قرار بإيقاف دروس عبد الرزاق المهدي في مساجد ريف دمشق يثير جدلاً واسعاً بين الأوساط الدينية

أثار قرار مديرية أوقاف ريف دمشق القاضي بإيقاف الدروس التي يلقيها الداعية السوري عبد الرزاق المهدي في مساجد ريف دمشق موجة جدل كبيرة، بعد أن تداولت صفحة “نور الشام” على فيسبوك التي تعرّف نفسها بأنها منصة تمثّل “الوسطية في بلاد الشام” خبراً يؤكد إبلاغ الداعية بضرورة وقف نشاطاته الدينية.

وقالت الصفحة إن القرار يأتي “لمنع انتشار السلفية الوهابية في الوسط الدمشقي”، واصفة الخطوة بأنها “حكيمة وضرورية لكبح محاولات التغلغل الفكري”.

عبد الرزاق المهدي يؤكد: تم إبلاغي شفهياً بوقف الدروس:

من جانبه، أعلن عبد الرزاق المهدي عبر حسابه في فيسبوك أنه تلقى بلاغاً شفهياً من مدير أوقاف ريف دمشق، الشيخ رفاعة عبد الفتاح، يطالبه بإيقاف دروسه ودوراته العلمية في جميع مساجد ريف دمشق، مقدّماً اعتذاره للطلاب ورواد المساجد.

ردود فعل غاضبة… وشيوخ يعتبرون القرار “مجحفاً”:

قرار الإيقاف أثار اعتراض عدد من الشخصيات الدينية، أبرزهم الشيخ عبداللطيف عمر المحيمد الذي قال إن المهدي “عضو اللجنة العلمية للحديث الشريف في وزارة الأوقاف”، متسائلاً عن سبب منع شخص بهذا الموقع العلمي من التدريس.

وأضاف المحيمد: “الشيخ عبد الرزاق أحق من كثير من الشيوخ والواعظين الذين يدرّسون في مساجد دمشق. قرار إبعاده عن المساجد فيه حيف… فهو رجل علم وحكمة، ومن أبناء الثورة”.

حملة هجوم على الصوفية:

في الجانب الآخر، شنّ عدد من أنصار المهدي هجوماً على التيارات الصوفية، معتبرين أنها “بقايا النظام السابق”، وأنها بحسب تعبيرهم تقف وراء قرار إيقاف دروس الشيخ.

من هو عبد الرزاق المهدي؟

يعد عبد الرزاق المهدي (1961) من أبرز الدعاة السلفيين في سوريا، وينحدر من ريف دمشق. عرف بنشاطه الديني وبرز بعد عام 2011 كأحد الوجوه الشرعية ضمن الفصائل الإسلامية في الشمال السوري.

شرعي سابق في هيئة تحرير الشام

قاضٍ سابق في “جيش الفتح” عام 2016

مؤسس “جيش العسرة” الذي ضم شخصيات من تنظيم حراس الدين الموالي للقاعدة

انفصل عن هيئة تحرير الشام عام 2017 بسبب خلافات على أداء “الهيئة” وظلم السجون

لعب دوراً بارزاً في قضايا المصالحة بين الفصائل المتقاتلة

عرف بمناصرته للمعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام وانتقاده العلني لأبو محمد الجولاني (الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حالياً)

الشرع والمهدي… علاقة قديمة وحساسة:

خلال الحراك الشعبي في إدلب مطلع 2024، كان المهدي من بين الشخصيات التي طالبت أحمد الشرع الذي كان آنذاك قائداً للهيئة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، وعاد بعد سقوط نظام الأسد ليطالب الشرع بإطلاق سراح المعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام في إدلب وعلى رأسهم “أبو يحيى الجزائري”، “أبو شعيب المصري”، و”أبو سفيان الجبلاوي”.

ورغم قربه السابق من مراكز القرار في الشمال، لا يشغل المهدي اليوم أي منصب رسمي في الحكومة الانتقالية، لكنه يحظى بنفوذ اجتماعي.

تباين ديني وأمني… وتخوّف من صراع نفوذ:

يرى مراقبون أن قرار إيقاف دروس المهدي يعكس توازناً حساساً بين عدة تيارات دينية داخل دمشق وريفها، خصوصاً مع سعي وزارة الأوقاف لترسيخ خطاب “الاعتدال والوسطية”، مقابل حضور قوي لرجال دين ذوي خلفية سلفية جهادية قدم معظمهم من الشمال السوري.

بين قرار رسمي يصفه مؤيدوه بـ“الحكيم”، واعتراضات واسعة من شخصيات دينية ترى فيه “استهدافاً للعلماء”، يبدو أنّ ملف عبد الرزاق المهدي يعكس واقعاً معقداً يعيشه الحقل الديني في سوريا خلال مرحلة ما بعد سقوط النظام، حيث تحاول الجهات الرسمية إعادة تشكيل المشهد الديني بما يتوافق مع توجهاتها، وسط رفض من تيارات متشددة كانت ولا تزال لاعباً بارزاً في الساحة.

إقرأ أيضاً: التشدد الاجتماعي في سوريا: هل يمكن الحفاظ على التنوع في ظل السلطة المتشددة؟

إقرأ أيضاً: بين التصوف والوهابية: الجدل السني يتصاعد في سوريا ما بعد الأسد

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.