مركز أبحاث إسرائيلي يربط براغماتية الشرع بـ”الصبر الاستراتيجي”

طرح تقرير نشره معهد “ألما” الإسرائيلي تساؤلات حول طبيعة التحوّل الذي يظهره رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بعد عام على توليه السلطة عقب سقوط نظام بشار الأسد. ورأى التقرير أن الشرع، الذي يقول المعهد إن “جذوره الأيديولوجية تعود إلى تنظيم القاعدة”، يسعى إلى رسم صورة زعيم براغماتي منفتح على الغرب، لكنه قد يكون – وفقاً للتحليل – يطبّق “براغماتية جهادية” بهدف خدمة “رؤية طويلة المدى”.

بين تغيير الصورة واستمرار المنهج

ووفق التقرير، فإن سوريا تعيش حالة انتقالية مع استمرار عدم اليقين السياسي رغم مرور عام على صعود الشرع. ويجادل كاتب المقال بأن التغيير الذي يظهره الرئيس السوري الحالي، سواء على مستوى السياسات أو الخطاب أو الصورة العامة، لا يعني بالضرورة تخلياً عن خلفيته الجهادية؛ بل هو “تلاعب تكتيكي” يندرج ضمن استراتيجية طويلة الأمد تتّبعها “القاعدة”.

ويشير المقال إلى أن الشرع قد تخلّى عن هوية “القاعدة” لا عن رؤيتها. فالتنظيم – كما يراه المعهد – يتبنى نهجاً يقوم على بناء مؤسسات، وترسيخ الحكم المحلي، وتجنّب المواجهة المباشرة، وإظهار مرونة تكتيكية، بما في ذلك تجاه الغرب، لضمان نفوذه على المدى القريب والمتوسط.

“الصبر الاستراتيجي”

يلفت التقرير إلى أن ما يصفه بـ”الصبر الاستراتيجي” هو جوهر العقيدة الجهادية لدى القاعدة، ويقوم على رؤية بعيدة الأمد لإقامة دولة إسلامية عبر خطوات تدريجية، على عكس تنظيم داعش الذي أعلن الخلافة فوراً دون بنية تحتية حقيقية.

وتتضمن هذه الخطوات، وفق التحليل:

  • بناء نفوذ محلي ونشر الدعاية.

  • إضعاف الخصوم وتجنب المواجهة.

  • إنشاء تحالفات وتقديم تنازلات مرحلية.

  • استخدام الاتفاقيات كأدوات مؤقتة.

ويؤكد المقال أن القاعدة تنظر إلى الصراع كعملية تمتد “جيلاً بعد جيل”، وتهدف إلى التآكل التدريجي للغرب وليس إلى مواجهة حاسمة سريعة.

الشرع بين الانفتاح والتكتيك

ويرى كاتب التقرير أن الشرع نجح منذ وصوله إلى السلطة في تقديم نفسه كقائد معتدل يسعى إلى وحدة المجتمع السوري، ويعمل على دمج الفصائل المسلحة ضمن مؤسسات الدولة، كما جدّد علاقات دبلوماسية مع دول غربية وتلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض.
لكن المعهد يعتبر أن هذا النهج “قد لا يكون نتاج تحول أيديولوجي”، بل جزءاً من استراتيجية تهدف إلى:

  • تهدئة المخاوف الدولية.

  • كسب الوقت لتقوية السلطة والمؤسسات.

  • بناء شرعية داخلية وخارجية تُستخدم لاحقاً لتحقيق أهداف أبعد.

ويشير المقال إلى تغييرات في المظهر العام للشرع، وتخلّيه عن الاسم الجهادي السابق، لكنها – بحسب التحليل – قد تكون “جزءاً من إعادة تشكيل للصورة” دون تغيير في الرؤية.

الاتفاقيات مع “إسرائيل” والولايات المتحدة.. كيف تُفسّر؟

يفترض التقرير أن المفاوضات مع “إسرائيل” والعلاقات مع واشنطن لا تعكس “براغماتية غربية”، بل تنسجم مع نهج القاعدة الذي يرى الاتفاقيات “أدوات مؤقتة” لتهيئة الظروف للمرحلة التالية من الصراع.

ووفق المعهد، لا تُعد هذه الاتفاقات اعترافاً بشرعية الطرف المقابل، بل وسائل تكتيكية “يمكن التخلي عنها عند تغيّر ميزان القوى”.

ثورة بطيئة لا قطيعة أيديولوجية

يخلص المقال إلى أن عدم إعلان الشرع “الخلافة الإسلامية” عند وصوله إلى السلطة لا يشير إلى تغيير جذري، بل يتوافق – وفق القراءة التي يقدمها المعهد – مع نهج القاعدة الذي يفضل التدرج والبناء الهادئ بدل الصدام المباشر.

ويقول الكاتب إن الشرع يسعى إلى الحفاظ على صورته كفاعل محلي معتدل، وهو ما يخفف الضغط الدولي ويفتح باب الاعتراف الخارجي، لكنه في الوقت ذاته يظل “متمسكاً برؤية جهادية طويلة المدى”، وفق توصيف التقرير.

خلاصة التقرير

يطرح مركز “ألما” سؤالاً محورياً: هل يتجه الشرع نحو براغماتية سياسية حقيقية أم أنه يمارس “الصبر الاستراتيجي” لخدمة مشروع أيديولوجي أوسع؟

وبحسب المقال، فإن “تحول صورة الشرع” لا يُعد دليلاً على الاعتدال بقدر ما هو “جزء من استراتيجية طويلة الأمد” تهدف إلى تثبيت حكمه، وتأمين البيئة التي قد تسمح – وفق زعمه – بعودة مشروع القاعدة في مستقبل بعيد.

اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.