تصاعد القتل الطائفي في سوريا.. وحادثة مقتل مراد محرز تفجّر انتقادات للحكومة
تتزايد الاتهامات الموجّهة إلى الحكومة الانتقالية في دمشق على خلفية عجزها عن ضبط الانفلات الأمني، بعد جريمة قتل جديدة هزّت مدينة اللاذقية وأعادت مشاهد القتل الطائفي إلى الواجهة. فقد قُتل الشاب مراد محمد محرز على يد مسلحين مجهولين، في يوم يصادف الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، الأمر الذي دفع ناشطين وسياسيين لاتهام الحكومة بغياب المحاسبة وتجاهل خطر تصاعد العنف الهويّاتي.
جريمة على أساس الانتماء الطائفي
وبحسب المعلومات المتداولة، أوقف المسلحون محرز أثناء عودته من عمله في مقهى بحي الزراعة في اللاذقية، وسألوه عن طائفته، ولما أجاب بأنه “علوي”، أطلقوا النار عليه مباشرة. ونُقل الشاب إلى المستشفى حيث فارق الحياة، تاركاً خلفه والدته المريضة بالسرطان، والتي كان يعتبر معيلها الوحيد.
وانتشر تسجيل مصوّر يظهر اللحظات الأخيرة من حياة محرز، إذ كان يروي لمن حاول مساعدته تفاصيل ما جرى معه. كما ظهر صوت أحد المسعفين مؤكداً أن المنفّذ لاذ بالفرار على دراجة نارية. وتداول ناشطون أيضاً تسجيلاً صوتياً مؤثراً لوالدة الضحية تقول فيه: “سكر الباب وراك يا مراد.. حاجتنا دم يا أمي”.
وقد شارك المئات في تشييع جثمان الشاب في منطقة اليهودية باللاذقية، وسط حالة من الغضب والخوف من توسع دائرة العنف الطائفي، فيما استجابت عدة مناطق ذات غالبية علوية لدعوة الإضراب التي أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى.
انتقادات للحكومة الانتقالية واتهامات بالإفلات من العقاب
حادثة مقتل محرز ليست الأولى من نوعها هذا العام، لكنها الأكثر رمزية في ظل تزامنها مع الذكرى الأولى لسقوط النظام السابق، وفي سياق استمرار غياب المحاسبة.
الناشطة والصحفية وفا مصطفى حمّلت الحكومة الانتقالية مسؤولية ما يحدث، معتبرة أن القتل الطائفي المتصاعد نتيجة مباشرة لـ”غياب العدالة واستمرار الإفلات من العقاب”. وانتقدت مصطفى بشدة عدم ملاحقة شخصيات متهمة بجرائم في عهد الأسد مثل محمد حمشو وفادي صقر، قائلة إنهم “يعيشون حياتهم بشكل طبيعي ويظهرون علناً”، بينما يُقتل مواطنون “لا ذنب لهم سوى انتمائهم الطائفي”.
وأشارت إلى أن الاتهامات المتبادلة حول هوية منفذي الجرائم تُغطي على حقيقة وجود “حالات انتقام وقتل عشوائي” تطال أبرياء لا علاقة لهم بأي صراع سابق، بينما “المتورطون الحقيقيون محميّون”.
ردود فعل شعبية واسعة
كاتب وناشطون آخرون عبّروا عن غضبهم عبر وسائل التواصل.
كتب الناشط الحقوقي يامن حسين تعليقاً على مقتل محرز قائلاً: “سُئل قبل الرصاصة: على أي دين؟ فلما قال علوي، جاءت الرصاصة في صدره… فليكن تشييعه احتجاجاً للكرامة والعدالة.”
كما كتبت لبينة الرحية بأسلوب ساخر سوداوي حول عبثية سؤال الهوية، معتبرة أن الانتماء الطائفي بات بمثابة “سبويلر للحياة”، وأن مجرد الإفصاح عنه قد يعني نهاية المصير.
ارتفاع في أعداد الضحايا
وفق إحصائية صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد ضحايا جرائم القتل الانتقامي والتصفية خلال عام 2025 1176 شخصاً، بينهم 1113 رجلاً و41 امرأة و22 طفلاً، ما يعكس اتساع خطر العنف الطائفي وتراجع قدرة الدولة على ضبط الأمن.
قلق متزايد من انفجار مجتمعي
تظهر الحادثة الأخيرة هشاشة الوضع الأمني بعد سقوط النظام السابق، وتنامي الخشية من دخول البلاد في مرحلة جديدة من العنف العشوائي والانتقامي، خصوصاً في ظل شعور الأقليات بأنها “تدفع الثمن” وغياب إجراءات جادة لفرض سلطة القانون.
وبين مطالبات بالمحاسبة واتساع رقعة الغضب الشعبي، تقف الحكومة الانتقالية أمام اختبار صعب يتعلق بقدرتها على مواجهة موجة العنف الحالية ومنع انزلاق البلاد نحو دوامة أعمق من الانقسام الطائفي.
اقرأ أيضاً:هل تعود دمشق إلى طهران؟ رسائل مباشرة وتحركات إقليمية تعيد رسم خريطة التحالفات في سوريا