سوق الذهب في سوريا يعاني الركود… نقص في المشغولات وتراجع في الإنتاج

في ظل التحديات الاقتصادية التي تضرب الأسواق السورية، يواجه قطاع الذهب في سوريا واحدة من أصعب مراحله منذ عقود، مع استمرار توقف العديد من الورشات وضعف الإنتاج، ما أدى إلى اعتماد محال الصاغة على المخزون القديم من المشغولات والمسبوكات الذهبية، وغياب التصاميم الحديثة التي تواكب تطلعات الزبائن.

أزمة المشغولات الذهبية في سوريا:

يقول خالد (اسم مستعار)، صاحب محل للذهب في ريف دمشق، إن أزمة صناعة الذهب ليست جديدة، بل تعود إلى سنوات ما قبل سقوط النظام السابق، حين بدأت ورشات الصياغة تتوقف تدريجياً نتيجة ضعف الدعم الحكومي والخوف من الملاحقات الأمنية.

وأوضح خالد أن أبرز مشكلات سوق الذهب اليوم تتمثل في:

1- نقص المشغولات الحديثة والاعتماد على “موديلات” قديمة لم تعد تجذب الزبائن.

2- توقف ورش الصياغة عن العمل بسبب غياب المعدات والدعم المالي.

3- غياب الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع.

4- اعتماد السوق على المخزون الجاهز دون تجديد أو تطوير.

الدفع بالدولار… والبحث عن حلول اقتصادية:

مع انهيار قيمة الليرة السورية، بدأ معظم الصاغة في تسعير الذهب بالدولار الأمريكي لتجنب خسائر التضخم. ويشير خالد إلى أن التداول بالليرة أصبح شبه مستحيل في عمليات الشراء الكبيرة، مؤكدًا أن حذف صفرين من العملة السورية قد يعيد بعض الثقة إلى السوق المحلي.

تراجع الطلب واتجاه نحو الادخار:

من جانبه، يؤكد “عمار هـ.”، أحد تجار الذهب في دمشق، أن الإقبال على شراء المجوهرات انخفض بشكل واضح، بينما ارتفع الطلب على الليرات الذهبية والأونصات بهدف الادخار، في ظل المخاوف من تدهور العملة أو تبديلها.

ويرى عمار أن المواطنين أصبحوا يعتبرون الذهب وسيلة لحفظ القيمة أكثر من كونه زينة، خاصة مع ارتفاع الأسعار وعدم استقرار السوق.

ذهب غير نظامي يغزو الأسواق:

ظاهرة جديدة تقلق الصاغة في دمشق وحلب، وهي انتشار الذهب غير المدموغ أو غير النظامي، حيث تُباع مشغولات دون ختم أو فواتير، ما يثير الشكوك حول مصدرها. بعض المحال تقبل شراء هذا الذهب بأسعار أقل، فيما ترفض أخرى التعامل به خوفاً من المساءلة القانونية.

الهيئة العامة للمعادن: الصناعة تتعافى ببطء:

مدير عام الهيئة العامة للمعادن الثمينة، مصعب الأسود، أوضح أن صناعة الذهب بدأت تشهد تعافياً تدريجياً بعد “تحرير سوريا”، مشيرًا إلى أن المرحلة السابقة شهدت تخوفاً كبيراً من الأجهزة الأمنية، ما أدى إلى هجرة عدد كبير من الصاغة وتراجع الإنتاج.

وأضاف أن الهيئة تعمل على تذليل العقبات التقنية والتشريعية أمام الورشات والمستثمرين، إلا أن ضعف المعدات القديمة وغياب التقنيات الحديثة ما زالا يحدّان من تطور الصناعة.

تسهيلات حكومية ومحاولات للإنعاش:

أكد الأسود أن الحكومة بدأت بتقديم تسهيلات لتحفيز قطاع الذهب، من أبرزها:

1- إعفاء مستوردي المعدات الصناعية من الرسوم الجمركية.

2- دعم الورشات من وزارتي الاقتصاد والصناعة.

3- تسهيل عمليات الاستيراد عبر المنافذ البرية والبحرية.

وأشار إلى أن رفع العقوبات الدولية عن سوريا سيكون له تأثير إيجابي كبير على هذا القطاع من خلال تسهيل التحويلات المالية واستيراد المستلزمات الصناعية.

أرقام تكشف حجم الركود:

بحسب بيانات الهيئة، يبلغ عدد الورشات المرخصة لصياغة الذهب نحو ألف ورشة في دمشق ومثلها في حلب، لكن الورشات الفعالة فعلياً لا تتجاوز 200 فقط.

ويعمل في هذا القطاع حوالي 3000 عامل مباشر، إضافة إلى نحو 6000 شخص يعملون بشكل غير مباشر في مجالات الوساطة والتجارة.

ويُقدّر متوسط الإنتاج الشهري للمشغولات الذهبية في دمشق وحلب بنحو 600 كيلوغرام، أي ما يعادل 7000 كيلوغرام سنوياً، في حين لا يوجد حالياً أي تصدير رسمي للذهب السوري بسبب ضعف القدرة التنافسية وارتفاع تكاليف التصنيع.

نظرة مستقبلية: بين الأمل والتحديات:

رغم محاولات الحكومة لإنعاش صناعة الذهب في سوريا، لا تزال التحديات قائمة؛ أبرزها ضعف التمويل، غياب التقنيات الحديثة، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين. ومع استمرار الركود، يطالب الصاغة بفتح الباب أمام الاستثمار الخارجي وتحديث التشريعات لاستعادة بريق السوق السوري الذي كان يوماً من أقوى أسواق الذهب في المنطقة.

إقرأ أيضاً: رئيس جمعية الصاغة: ارتفاع الذهب في سوريا بسبب الدولار.. والطلب يتجه للمدخرات

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.