مأساة الشمال السوري: السرطان يفتك بسكان رأس العين وتل أبيض وسط “غياب قاتل” للعلاج

تتفاقم الأزمة الصحية والإنسانية في مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا، حيث تحولت معركة السكان مع مرض السرطان إلى صراع شبه مستحيل، وسط نقص حاد في التشخيص والعلاج، وارتفاع مقلق في حالات الوفاة.

كشفت التقارير عن تسجيل ست حالات وفاة بسبب السرطان خلال شهر واحد فقط (منتصف أيلول وحتى 10 تشرين الأول الماضي)، نتيجة تدهور الأوضاع وغياب فرص العلاج المتاحة.

“عمران” ضحية نقص الأمل

تجسد حالة الطفل عمران كرم (16 عامًا) من رأس العين عمق المأساة، حيث توفي في حزيران الماضي بعد صراع مع سرطان الكبد من الدرجة الثالثة.

أكد والده أن المدينة تفتقر إلى أي جهاز تشخيص مبكر أو مركز مختص بالعلاج، كما أن جرعات الكيماوي لم تتوفر بانتظام.

واجه عمران عقبة إضافية في صعوبة دخول تركيا للعلاج، حيث رُفضت محاولاته في معظم الأوقات بسبب نقص الأوراق، بينما كان المرض يتقدم بلا رحمة.

حاجز الـ 600 دولار ورفض الحدود

لا تزال المعاناة مستمرة، حيث تعاني مرام الحمدوش من تل أبيض من سرطان الدم، وتقتصر زياراتها للمستشفيات على المسكنات فقط.

اضطرت مرام للسفر تهريباً عبر مناطق “قسد” إلى دمشق لتلقي العلاج، وتكلفة الرحلة الواحدة تصل إلى 600 دولار أمريكي.

قوبل طلبها للحصول على علاج في تركيا بالرفض لأسباب غير معلومة، مما زاد من تفاقم حالتها.

تعتبر الحدود التركية هي المنفذ الوحيد للمدينتين (الخاضعتين لسيطرة الحكومة السورية الانتقالية).

فيما يحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مما يجعل التنقل تحديًا لوجستيًا ومادياً لا يطاق

أسباب مقلقة وتدهور بيئي

حذر الطبيب العام حمادة رجب من رأس العين من أن ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان أصبح مقلقاً ويستدعي تدخلاً عاجلاً.

عوامل الخطر: أرجع الطبيب ارتفاع معدلات الإصابة إلى عمل كثير من الأهالي في “الحراقات” البدائية لاستخراج الفيول، وتناولهم الخضراوات المروية بمياه الصرف الصحي، مما يعرضهم للسموم والمعادن الثقيلة.

الأنواع المنتشرة: أشار إلى أن أكثر الأنواع انتشاراً تشمل سرطان الثدي، القولون، الرئة، وسرطانات الدم خاصة بين الأطفال.

أكد رجب أن غياب التشخيص المبكر والعلاج الكيماوي أو الإشعاعي أدى إلى وصول أغلبية الحالات إلى مراحل متقدمة ومستعصية على العلاج

مبادرات تطوعية تواجه عقبات الحدود

في ظل هذا العجز، أحصى فريق “بذرة خير” التطوعي ما يقارب 250 مصاباً بمرض السرطان في المدينتين (مع وجود حالات غير مسجلة).

نجح الفريق في التنسيق لتنظيم رحلتين علاجيتين إلى دمشق عبر الأراضي التركية، شملتا نحو 35 مريضًا.

أوضح العضو الإداري حميد الخوجا أن الفريق تكفل بجميع نفقات الإقامة والمصاريف الشخصية للمرضى.

لكن استمرار هذه الرحلات يتوقف على الموافقة الرسمية من السلطات التركية.

 

إقرأ أيضاً: غضب واستياء في دمشق بسبب تأخر رواتب موظفي شركات وزارة الصناعة عبر شام كاش

إقرأ أيضاً: شام كاش.. بيت مال هيئة تحرير الشام تحت إشراف أبو مريم الأسترالي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.