“التايمز” تكشف عن إفلات قتلة مدنيي الساحل السوري من العقاب رغم الأدلة الموثقة
كشفت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية في تقرير موسع لها أن مرتكبي المجازر التي طالت مدنيين علويين في الساحل السوري ما زالوا يفلتون من العقاب، وذلك بعد مرور ثمانية أشهر على واحدة من أكثر الأحداث دموية في البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي. وقد أسفرت هذه المجازر، التي جرت على مدى ثلاثة أيام من القتل الممنهج، عن مقتل أكثر من 1400 مدني علوي.
وحشية موثقة وإفلات من العقاب
أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي الوحشية المتعمدة للمهاجمين، الذين لم يترددوا في توثيق أفعالهم. وقد أصبحت عبارات ساخرة استخدموها، مثل “انبح انبح.. (عوي) ولاك”، بمثابة ميم ساخر بين المتطرفين السنة على الإنترنت، في وقت تخشى فيه عائلات الضحايا ألّا تتحقق العدالة أبداً.
شهادات مروعة: نقلت صحيفة “التايمز” قصصاً مأساوية، منها قصة هديل ناخر، التي فقدت زوجها قيس (50 عاماً) وابنها أحمد (30 عاماً) في قرية الشير بمحافظة اللاذقية. ظهرا الاثنان في مقطع مصوّر وهما يجثوان على الأرض مع أسيرين آخرين، ويتعرضان للضرب المبرح قبل أن يُعدما رمياً بالرصاص من مسافة قريبة، مع ترديد المهاجمين لعبارة الإذلال الساخرة: “انبح، انبح، أيها الأوغاد!”.
هويات معروفة: أكدت هديل ناخر للصحيفة أن “الرجال الذين قتلوا زوجي وابني كانوا فخورين بما فعلوه لدرجة أنهم نشروه على الإنترنت”، مشيرة إلى أن هويات الجناة معروفة لدى الضحايا.
تكرار الإذلال: ذكرت إيفا سلوم (40 عاماً) أن زوجها حسام الشيخ (48 عاماً)، ووالده (73 عاماً)، وقريب زوجها، أُجبروا على الزحف قبل إعدامهم بالرصاص في الرأس. وتتساءل: “لماذا هم بلا عقاب؟”.
حملة انتقام طائفية وغياب المساءلة
وقعت المجازر في 7 آذار/مارس الماضي على يد فصائل مسلحة متحالفة مع الحكومة السورية الجديدة، واستهدفت نحو 40 قرية علوية في ريف اللاذقية، بعد هجمات شنّها موالون للنظام السابق (المعروفون بـ “الفلول”) على مواقع الحكومة الانتقالية.
الفصائل المشاركة: بدأت الهجمات بمشاركة نحو 200 ألف مقاتل من فصائل عدة منضوية داخل “وزارة الدفاع السورية”، من بينها “فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة”، واصفة الصحيفة هذه الأعمال بأنها حملة انتقام طائفية واسعة.
ضحايا مدنيون: في قرية الشير وحدها، قُتل 67 رجلاً، جميعهم من الذكور، وكان أصغرهم 14 عاماً وأكبرهم 76 عاماً. نفى مختار القرية، محمد الشيخ (70 عاماً)، أي دور لأهل القرية في الهجمات على القوات الحكومية.
تحقيق شكلي والمشتبه بهم أحرار
رغم تعهد حكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، التي تسعى لإظهار التزامها بـ “سوريا متعددة الطوائف”، بمحاسبة المسؤولين وتشكيلها لجنة تحقيق، إلا أن الواقع يشير إلى غياب العدالة:
نتائج التحقيق: خلص تقرير اللجنة إلى أن العنف “لم يكن منظماً وممنهجاً” وأن قادة “الجيش السوري” لم يصدروا أوامر مباشرة، معتبراً أن “الانتقام” هو الدافع الرئيسي.
إفلات المشتبه بهم: على الرغم من إعلان وزير العدل السوري عن محاكمات “قريبة وعلنية”، لم يُدن أي متهم حتى الآن. بل إن بعض المشتبه بهم الذين أعلن اعتقالهم، مثل القائد الميداني أحمد العبدالله (المعروف باسم “أبو الميش السراوي”)، ظهروا لاحقاً في مقاطع فيديو يتباهون فيها بأفعالهم.
هذا الغياب التام للمحاسبة أثار مخاوف عميقة لدى أبناء الطائفة العلوية من أن الحكومة الجديدة تتغاضى عن جرائم فصائلها. ويعبر أحد الناجين عن شعورهم باليأس بقوله: “لا نرى دولة قانون، ولا عدالة حقيقية. نخشى أن من يحققون في الجرائم هم أنفسهم من ارتكبوها، لكنهم فقط بدّلوا ملابسهم”وفقا لصحيفة التايمز.
اقرأ أيضاً:وزير العدل السوري يؤكد محاكمة علنية للمتهمين بانتهاكات الساحل والسويداء.. ولا إفلات من العقاب
اقرأ أيضاً:تضييق متصاعد على العلويين في الساحل ودمشق: فصل جماعي ومنع نقل الطلاب