“أبو الفنون” في خطر: تحديات كبرى تهدد الحركة المسرحية في سوريا
يواجه الواقع المسرحي في سوريا تحديات وجودية تهدد بـاندثاره، حيث لا يجد “أبو الفنون” الدعم الكافي ليصمد في ظل الأوضاع الأمنية، والسياسية، والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ 15 عاماً.
ويُعتبر المسرح الأكثر تضرراً بين الفنون، بسبب عوائده المادية القليلة وشبه غياب المنتجين
الأسباب الرئيسية لتراجع المسرح السوري
أجمع المسرحيون على أن الأزمة التي يعيشها المسرح اليوم تتجاوز الظروف العامة وتتركز في نقاط محددة:
غياب التمويل والإهمال الحكومي: شددت الدكتورة ندى العبدالله، أستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية، على “غياب تام لأي توجه حكومي لدعم الحركة المسرحية”.
وأشارت إلى أن الميزانيات الهزيلة تُصرف على المسرح مقابل الملايين التي تُهدر على الدراما التلفزيونية الرديئة.
الهجرة والتوجه نحو التلفزيون: يرى المخرج مأمون الخطيب أن المسرح لم يعد “يطعم خبزاً”، مما يبرر “هروب” الممثلين إلى التلفزيون الذي يقدم إغراءات المال والشهرة.
وأوضح الخطيب أن المسرح تحول للممثلين إلى تمرين أو هواية، لا إلى حياة.
الرقابة وفقدان الجمهور: أشار الخطيب إلى تأثير الرقابة الثقيلة وفقدان الجمهور الذي يعيش أزمته اليومية في البحث عن لقمة العيش، مما يمنعه من الذهاب لمشاهدة العروض.
تأثير الحرب الاجتماعية: أكدت الدكتورة العبدالله أن الحرب الطويلة عملت على تفكيك المجتمع وسحق قدرته على التفكير والتواصل.
الإضافة إلى استمرار قمع السلطات للتعبير الحر المدني، مما أضعف الحركة المسرحية ومنعها من إنتاج “فعل مدني ديمقراطي”.
صراخ أم همس؟ رؤى مأمون الخطيب لإحياء الخشبة
يُعد المخرج مأمون الخطيب، الذي استمر في تقديم تجاربه المسرحية رغم الصعوبات، من القلائل الذين يدافعون عن الخشبة. ولكنه يرى أن طريقة التعامل مع الواقع يجب أن تتغير:
“الصراخ اليوم يستهلك أسرع من الهمس، وربما صار الهمس أكثر صدقاً ووقعاً. فالمسرح مطالب بأن يكون مساحة للتفكير والتأمل، لا مجرد صوت عالٍ يتبخر في الهواء.
أما الصراخ لأجل وجود المسرح في الحياة الثقافية السورية فهو واجبنا الملح الآن.”
وحذر الخطيب من أن إهمال المسرح والثقافة يؤدي إلى “فراغ روحي، سطحية في الوعي الجمعي، وصعود التطرف”.
ما ينقص المسرحيين والمستقبل الضبابي
حدد الخطيب ما يحتاجه المسرحيون لإعادة إحياء “أبو الفنون” بالترتيب:
1- الحرية الحقيقية أولاً.
2- الاحترام ثانياً.
3- ثم يأتي الدعم.
وأضاف أن المسرحيين ينقصهم “جمهور محمي من الجوع والفقر حتى يستطيع أن يذهب إلى المسرح”.
ولهذه الأسباب، صرّح الخطيب بأنه “اليوم لا أعمل على مشروع جديد، لأن الظروف لا تسمح، وأحياناً يكون الصمت أصدق من أي عرض مبتور”.
في الختام، ترى الدكتورة العبدالله أن المسرح “فعل حي مجتمعي ديمقراطي”، يحتاج إلى تفاعل المجتمع الحي ومخاطبة وعيه، وهو ما يتعذر تحقيقه في ظل الظروف الراهنة.
ما هي المبادرات المستقلة (غير الحكومية) التي يمكن أن يتبناها المسرحيون السوريون لكسر حالة الإحباط وتوفير حد أدنى من الدعم المادي لأنفسهم وللخشبة؟ شاركنا رأيك
إقرأ أيضاً: انطلاق تصوير مسلسل النويلاتي: سامر المصري بديلاً لباسم ياخور وعمل فنتازي لرمضان 2026
إقرأ أيضاً: قصي خولي ونور علي في عمل مسرحي جديد “عرس مطنطن” ضمن موسم الرياض