الهجرة المعاكسة في جبلة.. عودة السكان إلى الريف بسبب الغلاء والأوضاع
تشهد مدينة جبلة في الساحل السوري ظاهرة الهجرة المعاكسة من المدينة إلى الريف، حيث يعود السكان إلى قراهم الأصلية هربًا من ارتفاع تكاليف المعيشة والأزمة الاقتصادية بالإضافة إلى الاوضاع الأمنية والاجراءات بحق الموظفين خاصة الاقليات، مع لجوء البعض مجددًا إلى الزراعة كمصدر رزق وتأمين جزء من احتياجاتهم اليومية.
ويشير السكان إلى أن ارتفاع إيجارات المنازل وتكاليف الحياة في المدينة، بما في ذلك المواصلات والماء والغاز، شكل ضغطًا كبيرًا على الأسر، خصوصًا تلك التي فقدت مصادر دخلها أو عملها في القطاع الحكومي أو الأمني سابقًا.
ويقول مضر علي (45 عامًا) من حي العمارة في جبلة لموقع تلفزيون سوريا: “اضطررت لمغادرة منزلي بعد أن ارتفع الإيجار إلى 200 دولار شهريًا، وعدت إلى قريتي عين العروس بعد ترميم المنزل هناك. الحياة في الريف أقل تكلفة، وبدأت العمل في تربية الدواجن والمواشي وزراعة الخضراوات لتأمين جزء كبير من الطعام اليومي للعائلة، ما يقلل من الاعتماد على السوق”.
ويشير علي إلى أن سوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل في المدينة دفعت الكثيرين للعودة إلى الريف، معتبرًا أن الزراعة أصبحت مصدر رزق بديل بعد فقدان وظائفهم السابقة، خاصة بين الضباط والعناصر الأمنية في الجيش السابق.
إقبال على بيع المنازل
وفي هذا السياق، يقول أمجد برادعي، صاحب مكتب عقاري في جبلة، إن العروض لبيع المنازل في القسم الشمالي من المدينة ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث يفضل العديد من السكان العودة إلى قراهم الأصلية بعد سنوات من الإقامة في المدينة.
ويضيف برادعي لموقع تلفزيون سوريا: “ارتفاع الإيجارات إلى أكثر من الضعف خلال الأشهر الأخيرة، إضافة إلى تكاليف التنقل الباهظة، دفعت البعض للعودة إلى الريف، بينما فضّل آخرون السفر إلى خارج البلد أو العودة للعمل في الزراعة وتربية الدواجن”.
وأشار إلى أن الكثير من العائدين انتقلوا سابقًا إلى المدينة لأسباب مرتبطة بالوظائف الحكومية أو التطوع في الجيش السابق، إلا أن الوضع الحالي دفعهم للعودة إلى قراهم.
تكاليف مرتفعة للعيش في المدينة
تتراوح إيجارات المنازل في جبلة بين 100 و250 دولارًا بشكل متوسط، فيما ارتفعت أيضًا أجور النقل بين المدينة والريف، ما زاد من العبء المادي على الأسر.
تقول أم سامر، أم لثلاثة أطفال من حي الضاحية: “في المدينة كل شيء أصبح مكلفًا، من الماء والغاز إلى المدارس والمواصلات. في القرية لا ندفع إيجارًا، والعودة إلى أرضنا القديمة تحمل الذكريات والناس الطيبين. المدينة أصبحت خانقة وغريبة”.
ويشير مراقبون إلى أن ضعف الحركة التجارية والاقتصادية في المدينة خلال الأشهر الماضية، بالإضافة إلى أحداث آذار الأمنية وتسريح العديد من الضباط والعناصر السابقة، ساهم في تفاقم البطالة وزيادة الضغوط الاقتصادية، مما عزز من وتيرة الهجرة المعاكسة إلى الريف.
اقرأ أيضاً:تجمّع أمهات وطالبات الساحل يهزّ وزارة التربية بدمشق ويُلغي صفر التشابه لـ 600 طالب