الدكتورة رشا سيروب تثير جدلًا في القطاع المصرفي، فما القصة؟

أثارت الدكتورة رشا سيروب، الأستاذة في كلية الاقتصاد والخبيرة الاقتصادية، موجة من الجدل في الأوساط الاقتصادية السورية، بعد انتقاداتها العلنية لبعض الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة المالية السورية، وخاصة ما يتعلق منها بتحديد رسوم التحويل المصرفي وعمولات الإيداع في المصارف العامة.

وفي منشور لها على صفحتها عبر “فيسبوك”، تساءلت سيروب عن الأساس القانوني لتدخل وزارة المالية في السياسات الفنية للمصارف، مشيرة إلى أن هذه المهام تقع ضمن صلاحيات مصرف سوريا المركزي، الجهة المخولة حصرياً بوضع السياسات النقدية والإشراف على عمل القطاع المصرفي بجميع مكوناته، بما في ذلك المصارف العامة والخاصة.

انتقادات لصيغة المراسلات الرسمية وتجاوز الصلاحيات
وانتقدت سيروب صيغة المخاطبات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية، والتي تبدأ بعبارات مثل: “يُطلب إليكم”، واعتبرتها تجاوزاً للصلاحيات القانونية، وتشويشاً على مبدأ الفصل بين الجوانب الإدارية والفنية في إدارة المؤسسات المالية.

وأكدت أن المصارف العامة، وإن كانت تتبع لوزارة المالية إدارياً، إلا أنها تخضع فنياً وإشرافياً لمصرف سوريا المركزي، وفق ما تحدده القوانين والأنظمة المصرفية المعمول بها في سوريا.

ازدواجية في تطبيق القرارات بين المصارف العامة والخاصة
كما لفتت الخبيرة الاقتصادية إلى ما وصفته بـ”الازدواجية” في تطبيق القرارات الحكومية، متسائلة عن سبب استثناء المصارف الخاصة من توجيهات وزارة المالية المتعلقة بإلغاء عمولات البيوع العقارية، بينما تُلزم بها المصارف العامة، رغم أن جميع هذه المؤسسات تعمل تحت نفس الإطار التشريعي والرقابي.

ورأت أن هذا التمييز يهدد مبدأ المنافسة العادلة بين البنوك، وقد يؤدي إلى تشوهات في السوق وتحفيز بعض الأطراف على استغلال الفجوات التنظيمية لتحقيق أرباح غير مشروعة، أو حتى تحويل العملاء من المصارف العامة إلى المصارف الخاصة.

خلفية القرار الحكومي: تعديل إجراءات البيوع العقارية
ويأتي هذا السجال بعد أن أعلنت وزارة المالية السورية عن إلغاء شرط إيداع 50% من قيمة العقار في الحسابات المصرفية، مؤكدة على السماح بسحب هذه المبالغ نقداً في أي وقت. كما طالبت الوزارة المصارف العامة بإلغاء أي رسوم أو عمولات على عمليات الإيداع أو السحب المتعلقة بالبيوع العقارية، في إطار “تشجيع التعامل مع النظام المصرفي وتعزيز الثقة فيه”.

غير أن هذا التوجه، بحسب المراقبين، يُبرز تداخلاً واضحاً بين مهام وزارة المالية ومصرف سوريا المركزي، الذي أعلن هو الآخر عن تعديل نسبة الإيداع المفروضة على عمليات البيع العقاري من 15% إلى 50%، في خطوة تهدف إلى تقوية النظام المالي وتعزيز الشفافية في السوق العقارية.

تحذيرات من تأثيرات تداخل الصلاحيات على الثقة بالقطاع المصرفي
وتحذر أصوات اقتصادية، من بينها الدكتورة رشا سيروب، من أن تداخل الصلاحيات بين وزارة المالية والمصرف المركزي قد يؤدي إلى زعزعة الثقة في النظام المصرفي السوري، ويبعث برسائل سلبية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وهو ما يتناقض مع جهود الحكومة المعلنة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي واستقرار السوق النقدية.

وأكدت سيروب أن المسألة لا تتعلق فقط بنقاش تقني حول عمولات مصرفية أو رسوم، بل هي اختبار لمدى التزام الحكومة بالقواعد المؤسسية، ومدى احترامها لمبدأ الحوكمة الرشيدة والفصل بين السلطات في إدارة المؤسسات المالية، بما يضمن بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة للاستثمار.

 

إقرأ أيضاً: سياسة حبس السيولة.. انكماش نقدي يخنق الاقتصاد السوري

إقرأ أيضاً: مصرف سوريا المركزي: إعفاء جزئي من الإيداع العقاري لتعزيز التسهيلات الإجرائية

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.