بات الحديث عن المفاوضات في غزة يترافق مع مجازر مروعة يرتكبها الكيان، ما شكل حالة من الحيرة حول توقيت “المجازر الكبرى” مع المفاوضات التي تغيب وراء القصف والدم والمجازر في قطاع غزة وآخرها مدرسة التابعين التي امتزجت دماء شهدائها مع طعم ونكهة المفاوضات الكاذبة التي يبدو أنها شماعة إعلامية لتعليق المجازر ليس إلا.
وبات الفلسطينيون يخشون كل حديث يتعلق بوجود جولة مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، نظرا لأن الاحتلال بات يتعمد ارتكاب المجازر الكبرى تزامنا مع هذا الحديث.
وعقب الإعلان عن جولة مفاوضات في منتصف الشهر الجاري، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت، مجزرة بشعة في حي الدرج وسط مدينة غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وعشرات الجرحى، باستهداف مدرسة “التابعين” التي تؤوي نازحين خلال صلاة الفجر.
الاحتلال قصف المدرسة بدم بارد بثلاثة صواريخ بشكل مباشر وقتل الفلسطينيين في صلاة الفجر، بصواريخ فتاكة أمريكية من نوع “MK-84” تزن أكثر من ألفي رطل وتصل حرارتها إلى 7 آلاف درجة.
وهي صواريخ “قنابل” أمريكية متعددة الأغراض حرة الإسقاط غير موجهة، تعد جزء من سلسلة قنابل مارك 80 الأمريكية وأكثرها شيوعا، تزن القنبلة 2039 باوند (925 كجم) منها 945 بوصة (429 كلغ) وزن المادة المتفجرة، وهي حشوة متفجرة شديدة الانفجار.
القنبلة أسقطتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المستشفى المعمداني وسط مدينة غزة ليلة الأربعاء الموافق 18 أكتوبر لعام 2023، وقتلت في لحظة واحدة أكثر من500 شخص من المرضى والطواقم الطبية والعاملين في المستشفى، منهم أكثر من 250 طفل وامرأة.
واستهدف جيش الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة نحو 172 مدرسة ومركز إيواء، بينها 152 مدرسة مأهولة بالنازحين، بعضها مدارس حكومية وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وقد تجاوز عدد شهداء هذه المجازر أكثر من 10 آلاف شهيد، وفق ما ذكره المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وفي منتصف الشهر الماضي، ارتكبت الاحتلال مجزرة ضد النازحين في منطقة مواصي خانيونس راح ضحيتها نحو 100 شهيد واستخدمت فيها أيضا قنابل أمريكية مدمرة.
صحيفة “معاريف” العبرية قالت حينها إن قنابل موجهة بنظام “JDAM” الأمريكي أو ما يسمى “البرد الثقيل” استخدمت في هذه المجزرة، مشيرة إلى أنها “قنابل بأنظمة متطورة موجهة بالليزر أو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وتعتمد على تكنولوجيا الاستشعار المتقدمة والذكاء الاصطناعي”.
القنبلة الصهيونية دقيقة للغاية، ومقاومة لتداخل الاتصالات والحرب الإلكترونية الموجهة، واستخدامها يشكل يدل على مباركة من الإدارة الأمريكية على تواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المنكوب.
وفي بداية حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة في اليوم الـ11 للعدوان، ارتكب جيش الاحتلال أكبر المجازر حتى الآن، حينما حوّل مستشفى المعمداني بمدينة غزة إلى حمام دم، بكل ما في الكلمة من معنى، وقصفت طائراته بقنابل أمريكية فتاكة ساحات المستشفى، ما أدى إلى استشهاد المئات من الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال.
ولعل ما صرّح به رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أكثر من مرة أن سياسة الضغط العسكري هي السبيل الأنجع، لاستعادة أسرى كيانه وتحقيق أهداف الحرب المزعومة في القضاء على حركة “حماس”، يفسر المجازر الكبرى التي تسبق جولات المفاوضات مع الكيان، وفي العقيدة الصهيونية تعتبر سياسة القتل والأرض المحروقة من السياسات التي ينتهجها الاحتلال للضغط ومحاولة إرضاخ المقاومة وقد فعلها في أماكن كثيرة في فلسطين ولبنان، ولم تستطع أن تغير في واقع الميدان بل كان الخسران رفيق الكيان في جولاته العدوانية التي انتهت بانتصار سواعد المقاومة.