تخلى كثيرون من السوريين\ات عن كافة رفاهيات الحياة المعيشية، وتناسوا الرحلات والتسالي والمطاعم والسياحة، ومنهم من بدأ يعزُف عن احتياجاته اليومية شيئاً فشيء، لأن نار الأسعار أحرقت جيوبه وأحلامه، وتقلصت أطباق موائد الطعام كما البنزين في خزانات السيارات، وتقشف طال حتى الشكل الخارجي من الملابس والحلاقة ومزيلات التعرق والعطور والمكياجات، التي صارت تكلفتها تتجاوز الراتب الشهري بأضعافٍ، فتجاوز سعر “بنطال الجينز” في الأسواق الشعبية أكثر من 100 ألف ليرة سورية، بينما يتقاضى الموظف الحكومي حوالي 140 ألفاً، فيما لا يتعدى متوسط راتب القطاع الخاص 400 ألف.
تكاليف “فلكية” على المظهر:
وبلغت تكلفة الحلاقة الرجالية في الأرياف والأحياء الشعبية حوالي 10 آلاف ليرة، أما في المناطق “الراقية” أكثر من 30 ألف ليرة، وتكلفة الحلاقة النسائية تتراوح بين 15 و30 ألفاً في المناطق الريفية، فيما تصل بالصالونات والمراكز الرائجة في المدن بين 40 و60 ألفاً، فيما تجاوزت تكلفة تزيين العروس أكثر من 500 ألف ليرة. وللعطور ومزيلات التعرق حصة من الارتفاع ايضاً، فبلغ سعر مزيل التعرق من النوع الجيد أكثر من 35 ألف ليرة، فاستغنى عنها البعض ببدائل أقل فعالية كالـ “شبة” و”البودرة” والمراهم الطبية، بينما تجاوز سعر زجاجة العطر المركبة صغيرة الحجم (30 مل) أكثر من 25 ألفاً، ويختلف بحسب كمية الزيت العطري، أما الملابس “حدث ولا حرج” فتشهد أسواقها ارتفاعاً “فلكياً” ووصل سعر الحذاء المصنع محلياً إلى أكثر من 120 ألفاً، والقميص حوالي 120 ألفاً، والطقم الرسمي تبدأ أسعاره من 300 ألف فما فوق، أما الحجاب “الشال” تتجاوز أسعاره 25 ألفاً، فلجأ الكثير إلى خياطة وإعادة تدوير الملابس القديمة، أو تبادل الملابس بين الأخوة، لأن أسعار “البالة” لم ترحمهم ايضاً.
الحلاقة بدها ميزانية:
يقول “أحمد” من سكان ريف طرطوس، وهو موظف حكومي لـ “داما بوست”.. “شعري يزداد طوله سريعاً، لذلك أنا بحاجة للذهاب إلى صالون الحلاقة مرتين أسبوعياً على الأقل بتكلفة 20 ألف ليرة، بالتالي أصرف شهرياً 80 ألف ليرة فقط للحلاقة، وأنا موظف تم تعييني حديثاً وراتبي لا يتجاوز 90 ألفاً، راتبي يكفيني للحلاقة فقط”.
وأشار “أبو علاء” من سكان دمشق، أب لطفلين لـ “داما بوست”.. “بين الحين والآخر يقوم الحلاقون برفع أسعار الحلاقة، وكأنهم يعملون على البنزين! من الأفضل شراء ماكينة حلاقة وأحلق لأطفالي في المنزل”.
فيما أوضح “يزن” وهو حلاق رجالي من سكان ريف دمشق لـ “داما بوست”.. “كل الأسعار ترتفع بالتالي ترتفع تكلفة حياتي المعيشية، والحلاقة هي مصدر دخلي الوحيد، فكيف أعمل بـ 5 آلاف ومصروفي اليومي يتجاوز الـ 50 ألفاً؟ ناهيك عن ارتفاع أسعار المحروقات لتشغيل المولدات، أو أسعار عدة الحلاقة من محارم و”ماكينات” وعطور وتجهيزات”.
الملابس من البسطات:
وتنتشر على معظم الأرصفة “بسطات” بيع الألبسة رخيصة الثمن بالنسبة إلى تلك الموجودة بالأسواق، لكن جودتها رديئة بحسب المواطنين، يقول “أبو جعفر” من سكان ريف دمشق وهو أب لـثلاثة أطفال لـ “داما بوست”.. “سعر الجينز لطفل لا يتجاوز عمره 8 سنوات أكثر من 50 ألف ليرة بالأسواق، ولدي ثلاثة أطفال ليس لدي القدرة على الشراء لهم جميعاً، بالتالي أنا أمام حلين: إما الشراء من “البسطات” لأن أسعارها رخيصة، لكن جودتها سيئة جدا من حيث القماش المستخدم والتفصيل، أو شراء لباس واحد يتبادله الأخوة بين بعضهم”.
فيما قال “ماهر” وهو طالب جامعي لـ “داما بوست”.. “أعمل في سوبر ماركت واتقاضى 150 ألف ليرة شهرياً، ولدي دوام جامعي بشكل شبه يومي ومصاريف نقل، وأرخص حذاء في السوق يتجاوز الـ 80 ألفاً، لذلك لم اشتري منذ عامين تقريباً، في كل فترة يتعرض حذائي “للهريان” وأقوم بتصليحه”.
من جانبه أكد “أشرف” وهو يعمل بتجارة الألبسة لـ “داما بوست”.. “دائما المواطن يرمي اللوم على صاحب المحل أو التاجر، لكن نحن خاسرون ايضاً، عندما تكون تكلفة القطعة قليلة نستطيع إضافة هامش ربح أكبر، لكن مع ارتفاع سعر المنتج نتقيد بهامش ربح بسيط، ولدينا تكاليف كبيرة، وصار آجار محل صغير أكثر من 400 ألف ليرة شهرياً في الأرياف، ناهيك عن الضرائب وأجور العمال وأسعار المواد الأولية والمشتقات النفطية”.
الأزمة تصل إلى العطور:
وكانت أسعار العطور تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود إلى حد ما، لكن في الوقت الحالي صار من الصعب شرائها من قبل الجميع فأسعارها ارتفعت بشكل كبير، يقول “محمد” وهو طالب جامعي، لـ “داما بوست”.. “شهرياً احتاج كـ حد أقصى إلى زجاجة عطر تبلغ قيمتها 30 ألفاً، وعلبة مزيل التعرق بتكلفة 35 ألفاً، بالتالي أنا بحاجة 65 ألف شهرياً فقط للعطور! لم نتحدث عن المواصلات ولا الملابس ولا الأكل”.
وأشارت “ريم” وهي موظفة حكومية، خلال حديثها إلى “داما بوست”.. “أن المكياجات إيضا ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ووسطياً تحتاج الفتاة بين 70 80 ألف شهرياً ما بين عطور وماكياجات إن استخدمتهم بشكل يومي”.
وأوضح “أبو أنس” وهو بائع للعطور، سبب ارتفاع أسعاره قائلاً “معظم الزيوت العطرية هي مستوردة بالتالي تتأثر بسعر الصرف، كما ترتفع أسعار الزجاج والكرتون” مؤكداً أن كل هذه التفاصيل تزيد وتؤثر من تسعيرة المادة.