داما بوست | حسن عيسى
تشهد مختلف المناطق السورية انقطاعات مستمرة للتيار الكهربائي، تصل في أسوأ أحوالها إلى ساعة وصل واحدة تتخللها عدة انقطاعات، مقابل 23 ساعة قطع خلال ساعات اليوم الواحد، كما تشهد هذه المناطق مشكلة “الحماية الترددية”، أو فصل التيار وعودته أكثر من مرة خلال فترة وصل الكهرباء، الأمر الذي أثّر سلبياً على العديد من مجالات الحياة اليومية.
ووصل وضع التغذية الكهربائية في بعض المناطق إلى مستوياتٍ متدنية غير مسبوقة، تناسى خلالها السكان الكهرباء الحكومية ولجأوا إلى أساليب مختلفةً تغنيهم عنها، كنظام “الأمبيرات” الذي يعتمد على تركيب مولدات كهربائية مشتركة لعدد من المنازل أو المحال التجارية، والتي تحسب تكلفتها بحسب عدد “الأمبيرات” المستهلكة أو الكيلو واط الواحد، وانتشر هذا النظام في عدة محافظات بشكل شبه رسمي، مثل حلب واللاذقية وريف دمشق، نظراً لانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وارتفاع تكاليف المولدات الخاصة أو ألواح الطاقة الشمسية.
وكانت آخر الوعود الحكومية المتعلقة بتحسّن التغذية الكهربائية على لسان مدير عام المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء “علي هيفا” الذي صرّح قبل نحو ثلاثة أشهر في نيسان، بأن تحسن واقع الكهرباء في سورية يعود إلى عوامل عدة، منها زيادة كميات الوقود والغاز الموردة لمحطات التوليد، مما سمح بزيادة استطاعة التوليد من 1700 ميغاواط إلى 2100 ميغاواط، مشيراً إلى وضع مجموعات توليد غازية إضافية في الخدمة مع الشبكة العامة.
وذكر “هيفا” أن ذلك سيزيد استطاعة التوليد إلى 3100 ميغاواط في المستقبل القريب، فضلاً عن استبدال وصيانة بعض المجموعات والمحولات الكهربائية، خاصة في مدينة حلب، لتحسين جودة التغذية، مبيناً أن هذه الخطوات ستؤدي إلى انخفاض ساعات التقنين في جميع المحافظات السورية، وتخفيف معاناة المواطنين من انقطاع الكهرباء.
ومضى أكثر من ثلاثة أشهرٍ على ما قاله “هيفا” لإحدى وسائل الإعلام الرسمية، دون أي تحسّنٍ يذكر في عدد ساعات التقنين، بل إن الأمر زاد سوءاً في بعض المناطق فوصل عدد ساعات القطع إلى نحو 32 ساعة في أوقاتٍ معينة، بمناطق متفرقة من ريف دمشق وريف حمص الغربي وريف طرطوس، وفقاً لما رصده داما بوست.
واختلفت ساعات التقنين من منطقة إلى أخرى، حسب كمية التغذية المخصصة لكل شركة كهرباء، ففي دمشق انخفضت ساعات وصل التيار من ساعتين إلى ساعة واحدة مقابل 5 أو 6 ساعات قطع، وفي ريف دمشق غابت الكهرباء تقريباً في بعض المناطق، ووصلت إلى مناطق أخرى بنظام تقنين مشدد (10 ساعات تقنين مقابل ساعة كهرباء)، وفي حماة وحلب ومناطق الساحل وصلت ساعات التقنين لحدود 5 ساعات تقنين مقابل نصف ساعة كهرباء.
أما فيما يخص آمال السوريين المتعلقة بتحسين ساعات التغذية بعد عودة محطة الرستين الكهربائية للخدمة، والتي تعتبر داعماً أساسياً للمنظومة الكهربائية في سورية بشكل عام، وللمنطقة الساحلية بشكل خاص، فقد تلاشت تلك الآمال مؤخراً بعد مرور عدة أسابيعٍ على تصريح وزير الكهرباء غسان الزامل، الذي وعد بأن المجموعتين الغازيتين الأولى والثانية في المحطة ستدخلان الخدمة نهاية شهر حزيران الجاري، بعد أن تم توريد وتركيب التجهيزات الرئيسية لهما.
ولدى محاولة داما بوست الحصول على توضيحات من الجهات المعنية في وزارة الكهرباء لم يتم التوصل إلى أي نتيجة، في ظل استهجان الكثير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بتوضيحات حول تردّي واقع التقنين، وعدم الإيفاء بالوعود التي يطلقها المسؤولون الحكوميون بين الحين والآخر، دون أية نتيجةٍ ملموسة على أرض الواقع.
وبحسب بيانات وزارة الكهرباء، فإن حصة الاستهلاك الصناعي من الكهرباء بحدود 22%، مقابل حوالي 48% للاستهلاك المنزلي، و20% معفاة من التقنين لتغذية المنشآت الحيوية التي تؤمن الخدمات الأساسية للمواطنين.
ومع استمرار أزمة الكهرباء، تزداد معاناة المواطنين والقطاعات الإنتاجية والخدمية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، في حين يطالب السوريون بحلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤثر على كافة جوانب حياتهم.