داما بوست | غدير ابراهيم
تحولت بعض المكاتب السياحية في سورية إلى “تجار فيز”، همها الأول البيع بغض النظر عن الخدمة المقدمة، ناهيك عن انتشارها بشكل غير مسبوق، الأمر الذي انعكس سلباً على المهنة طالما كان يعتمد عليها في الترويج لسورية، وتقديم الخدمات الجيدة للسوريين وغيرهم. فبحسب الجهات المعنية زادت نسبة الأعمال غير المشروعة عند بعض المكاتب، الأمر الذي اضطر وزارة السياحة لإصدار قرار بالامتناع نهائياً عن نشر إعلانات أو خدمات خاصة بتأمين التأشيرات أو الإقامات وخاصة على وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي.
وبررت السياحة القرار “لكون هذه الخدمات لا تندرج ضمن اختصاص وترخيص مواقع العمل السياحي” ما أثار ردود أفعال عديدة في أوساط أصحاب المكاتب والشركات السياحية، منهم من اعتبره إجحافاً وتدخلاً يهدف إلى تعطيل عمل المكاتب، وآخرون أيدوه نظراً لوضع حداً أمام المنافسة غير “الشريفة” أو الأعمال غير القانونية.
مدير شركة ايزيس للسياحة “بهاء الجندي” أكد لـ “داما بوست” أن القرار غير صحيح، لأن 90% من المكاتب اعتمادها على الفيز التي تشكل دخلاً رئيسياً لها وليس على الرحلات السياحية الداخلية، خصوصاً مع غياب الإقبال على الرحلات الداخلية بسبب زيادة نسبة الفقر، أما موضوع التذاكر فهو لا يعود على المكتب إلا بنسبة قليلة جداً من الربح وغالباً ما يسبب خسارة إذا تم الاعتماد عليه بشكل كامل”.
وأكد عضو غرفة سياحة المنطقة الشمالية سابقاً “مصطفى دياربكرلي” لـ “داما بوست” أن هذا القرار يقطع برزق أصحاب المكاتب السياحية التي تعمل بمجال الخدمات والفيز وحتى التأشيرة، معتبراً أن منع المكاتب من الإعلان عن خدماتها التي بالأساس لا يوجد خدمات غيرها يقيدها، وبعد القرار لم يعد يوجد أي دافع لأصحاب المكاتب كي يستمروا بدفع أجارات مكاتبهم أو نفقات الموظفين، بل أن يغلقوها ويتم العمل من المنزل وكل شخص له زبائنه.
وتساءل “دياربكرلي”.. “إذا المكاتب السياحية ليست وظيفتها العمل بالفيزا فمن المسؤول عن العمل فيها؟ ومن جهة أخرى، القرار سيجعل السوق محتكراً لعدة مكاتب، مع العلم أنني مع محاسبة “الشئيعة” لكن ضد تعميم القرار على جميع المكاتب”.
ورداً على الآراء السابقة، أوضح مصدر خاص في وزارة السياحة لـ “داما بوست”.. “أن مكاتب السياحة والسفر تقوم بتقديم مجموعة من الخدمات السياحية والتي تشتمل على تفاصيل الرحلة، من نقل وإطعام ودلالة وإرشادات وتعليمات السفر وعقد تأمين السائح والإقامات الفندقية وأي خدمات متممة كزيارة المتاحف والمواقع الأثرية ومواقع الجذب السياحي وغيرها، وإن ما تقوم به بعض المكاتب المخالفة بعرض تقديم خدمات لا تندرج ضمن أحكام القانون ومنها الترويج للحصول على تأشيرات الدخول والإقامات أو تأشيرات لغرض الدراسة وغيرها، فإن جميع هذه الإعلانات هي مخالفة لأحكام القانون وتنطوي على مسؤولية قانونية وجزائية، والمخالفة الأكبر هي الترويج والإعلان عن هذه الخدمات أو بيعها ضمن برامج الرحلات السياحية وإيهام المواطنين بالقدرة على تأمين التأشيرات أو الإقامات من قبل مؤدي الخدمة وصاحب المكتب”.
وشدد المصدر.. “إن حيازة الوثائق الشخصية ومنها جوازات السفر هي مسؤولية قانونية وجزائية في جميع دول العالم ومنها الجمهورية العربية السورية، لذلك فإن وزارة السياحة ستقوم بمخالفة وملاحقة كل من يخالف أحكام القانون والتعليمات، إضافة إلى ذلك وردت إلى الوزارة مئات الشكاوي عن قيام بعض الأشخاص بممارسة هذه المخالفات، ما نجم عنه تقاضي مبالغ مالية والتسبب بمشاكل مالية واجتماعية وإشكالات لا حصر لها، ولأن حيازة الوثائق الشخصية ومنها جوازات السفر لغير أصحابها أو الوكلاء القانونيين يعتبر مخالفة للقوانين والأنظمة محلياً ودولياً، لهذا يمنع التعامل مع هذه الخدمات تحت طائلة المسؤولية”.
وقرار الوزارة لم يكن مرفوضاً من الجميع، مدير المكتب السياحي “الفريق الذهبي” “فادي عاصي” أكد لـ “داما بوست”.. “المكاتب السياحية لدينا لا تعرف معنى العمل إلا عن طريق “الكمسيون” على فيزا أو على تأشيرة، والوزارة لديها الحق الكامل بأن تمنع هذه العمل العشوائي، معتبراً أنه لا يوجد عمل خلاق ضمن هذه المكاتب، وأنها تركض حالياً خلف العمولة وتحصيلها، وكأنها مكاتب عقارية”.
وأشار “عاصي” الذي يعمل في هذا القطاع منذ أكثر من 15 عاماً.. “اليوم لا يوجد إلا القليل من المكاتب التي تخلق عملاً وتنفذ إعلانات تعكس صورة هذه البلاد، وأن بعضها تُحارب بسبب تدريبها وتأهيلها لكوادر تعمل في هذا المجال “من باب تشليحنا لهذه الكوادر وإيقاف مكاتبنا” وأنا من بينهم، ولا تملك أخلاقيات عمل وأساساً غير مؤهلين ويتعدون على المصلحة، وأنا مع الوزارة بأن تسحب الرخصة لثلاثة أرباع المكاتب التي تمتهن “الكمسيون”.
واتهم “عاصي” أصحاب الآراء الرافضة لهذا القرار، بأنهم لا يريدون للبلاد أن تتحسن، مؤكداً أن الوزارة بدأت بضبط العمل من خلال هذه القرارات، وهي تعلم ما تفعله لتنظيم عمل المكاتب التي جعلت سوق السياحة “أسوأ” سوق حالياً، حسب رأيه.