الليرة ومسار الهبوط.. استنزاف للخزينة وللقيمة الشرائية
المصرف المركزي يرفع سعر "الحوالات والصرافة" ثلاث مرات خلال الشهر الحالي
داما بوست | ملاذ سليمان
تسجل الليرة السورية أدنى مستويات لها منذ عام 2011، حيث رفع مصرف سورية المركزي سعر صرف الليرة إلى 8800 مقابل الدولار الأميركي الواحد، بنشرة الحوالات والصرافة التي صدرت بتاريخ الاثنين 10/7/2023، لتكون المرة الثالثة التي يرفع فيها المصرف سعر صرف الليرة خلال شهر تموز الحالي، حيث رفع سعرها إلى 8500 بنشرة الحوالات والصرافة التي صدرت بتاريخ 6/7/2023، وسبق أن رفع السعر إلى 8400 بتاريخ 4/7/2023، في وقت تشهد فيه البلاد تضخماً كبيراً وتراجعاً بالقيمة الشرائية للمواطنين، وتنتشر فيه شائعات عن اقتراب زيادة الأجور والرواتب للعاملين في القطاعات الحكومية، دون إفصاح حكومي.
ويرى الخبير الاقتصادي “عامر شهدا” في حديثه لـ “داما بوست”.. أنه “لا يوجد سبب اقتصادي لانخفاض قيمة الليرة لأن الاقتصاد متجمد، لا يوجد ارتفاع بالاستهلاك أو زيادة بالطلب العام تستوجب زيادة بالإنتاج والاستيراد، ولا يوجد مشاريع استثمارية تتطلب قطعاً أجنبي، هذا الأمر له مبرر واحد وهو أن المركزي كان ينتظر كمية من الحوالات الخارجية خلال فترة العيد، لم تصل بالكمية المتوقعة، والسبب نقل الحوالات وتسليمها باليد وبالتالي تم تصريفها بالأسواق، فسارعت السوق السوداء لرفع السعر للاستحواذ على أكبر كمية من القطع الأجنبي الذي دخل الأسواق السورية، فانخفضت قيمة الليرة نتيجة ارتفاع العرض”.
ومنذ بداية العام الحالي حدد مصرف سورية المركزي سعر تصريف الليرة بـ4522 بالنشرة التي صدرت بتاريخ 2/1/2023، وفي مطلع شهر شباط قررت مديرية العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي، إصدار نشرتين يوميتين باسم “نشرة الحوالات والصرافة” ونشرة “المصارف” بتاريخ 2/2/2023، وحددت سعر صرف الليرة يومها بـ 6650، ومع بداية شهر آذار كان سعر تصريف الليرة قد وصل إلى 7150 مقابل الدولار، لتحافظ على استقرار شبه نسبي استمر حتى نهاية شهر نيسان، ليصل سعر تصريف الليرة إلى 7500 مقابل الدولار الواحد بتاريخ 27/4/2023، لتبدأ بالارتفاع التدريجي وتتجاوز حاجز الـ 8000 ليرة وتصل إلى 8200 ليرة مقابل الدولار بتاريخ 28/5/2023، ليأتي شهر تموز الحالي ونشهد فيه الأرقام القياسية بوصوله إلى 8800 ليرة في أول 10 أيام من الشهر.
من جانبه يرى الصناعي “عاطف طيفور” في حديثه لداما بوست.. “أن رفع سعر الصرف من قبل المصرف المركزي ليساوي سعر ما يسمى “الأسواق الموازية” هو أفضل، لأن الفرق الكبير بينهم يستنزف الخزينة، ويتم خسارة الحوالات لصالح الأسواق، أما في حال عودة هذه الأموال إلى الخزينة، فيتوفر القطع في المصارف وعلى المنصة، مما ينعكس إيجابا على التجارة والصناعة”.
ويتأثر القطاع التجاري برفقة الصناعي بتذبذب سعر صرف الليرة، وانخفاض مستوياتها بين الحين والأخر، وأكد التاجر “محمد الحاج حسن” لـ “داما بوست” أن ارتفاع سعر تصريف الليرة أمام الدولار يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات لارتفاع أجور النقل والعمال والمواد الأولية والمحروقات، وبالتالي قلة الطلب عليها وتوقف عجلة البيع، مما يسبب كساد في المنتجات.
ومنذ نهاية العام الماضي بدأت الليرة السورية بالتراجع، بشكل أكثر حدية من الأعوام السابقة وخسرت الكثير من قيمتها، ما دفع البنك المركزي إلى مواصلة رفع سعر الصرف الرسمي. وعلى ما يبدو
فإن هذا المسار ما يزال بحاجة إلى حلول جذرية، في حال بقي واقع الحصار الاقتصادي على ما هو عليه، ولم تنعكس المتغيرات السياسية الإيجابية حلولاً على أرض الواقع.